أخي العزيز الزائر
شرفنا تواجدك في هذا المنتدى الراقي والجميل
الراقي بأهله وناسة
والجميل
بما يحتويه من علم نافع وطرفة جميلة
ونرجو لك طيب الاقامة معنا بين اخوانك واخواتك
وان تثري هذا المنتدى بما لديك من جديد
وأن تفيد وتستفيد
أسال الله تعالي إت يتقبل منا ومناكم صالح الأعمال وإن يجعل تواجدنا لأبتغاء وجه اللع تعالي

Dear brother Guest
Honored by your presence in this forum upscale and beautiful
Upscale his family and policy
And beautiful
Including addition of beneficial knowledge and beautiful twinkling
We hope you a pleasant stay with us between brothers and sisters
And enrich this forum what you have again
And that the benefit and the benefit
I ask God Almighty ET accept our and Mnakm favor of business and that makes our presence in order to face Alla Come
أخي العزيز الزائر
شرفنا تواجدك في هذا المنتدى الراقي والجميل
الراقي بأهله وناسة
والجميل
بما يحتويه من علم نافع وطرفة جميلة
ونرجو لك طيب الاقامة معنا بين اخوانك واخواتك
وان تثري هذا المنتدى بما لديك من جديد
وأن تفيد وتستفيد
أسال الله تعالي إت يتقبل منا ومناكم صالح الأعمال وإن يجعل تواجدنا لأبتغاء وجه اللع تعالي

Dear brother Guest
Honored by your presence in this forum upscale and beautiful
Upscale his family and policy
And beautiful
Including addition of beneficial knowledge and beautiful twinkling
We hope you a pleasant stay with us between brothers and sisters
And enrich this forum what you have again
And that the benefit and the benefit
I ask God Almighty ET accept our and Mnakm favor of business and that makes our presence in order to face Alla Come
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى الاحبة في الله (اسلامي ..اجتماعي .. ثقافي)
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الحمـــــد لله الواحد الاحد الكريم الوهاب الرحيم التواب غافر الذنب وقابل التوب و الصلاة و السلام على رسول الله & أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجمعنا وإياكم في هذه الحياة على الإيمان والذكر والقرآن &وأ سأل الله جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم في ملتقي ألأحبة في الله علي ذكره أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته &اللهم لا تعذب جمعا التقى فيك ولك & أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا ممن قال الله فيهم {الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولو الالباب} & { وأتقوا الله وأعلموا أن الله مع المتقين }
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» للصباح حكاية
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:54 am

» في سوق القلوب
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:53 am

» ابتسامات من التاريخ
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:28 am

» اُمنية من القلب .
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:25 am

» حين يمتلئ قلبك بالدفء
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:23 am

» سَــجل حُضُــورَك بِمعلــومة طِــبية
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:21 am

» جايين بعد يوم صيام شاق وتعب طمعانين في رحمتك ومغفرتك يارب
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:19 am

» بريد القلوب ..مساحة للجميع ..
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:17 am

» ۞ حـــرّك قلبـــك ۞
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:14 am

» وحدوا الله يا عباد الله
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:14 am

» كم مرة استغفرت ربك اليوم؟؟؟
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:13 am

» هل صليتم علي حبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:12 am

» ادعوا لكل اسرة منتدانا الحبيب وجميع المسلمين
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:12 am

» قطوف من بستان الحكمة.
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:10 am

» أفشوا السلام علي المتواجدون بالملتقي
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين مارس 11, 2024 1:08 am

» مطلب اصحاب الكهف وهم في شدة البلاء
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير السبت مايو 01, 2021 8:01 pm

» حذاري أن تمل من الصبر
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الخميس أبريل 29, 2021 9:48 pm

» حديقة ملتقى الآحبة في الله الاسلامية
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف داعية الخير الإثنين أبريل 12, 2021 9:39 pm

» ..... الخطيب
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف الشيخ مرشدي الإثنين أبريل 05, 2021 8:37 am

» اثبت حضورك بأيه من القرأن الكريم
دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15من طرف الشيخ مرشدي الإثنين أبريل 05, 2021 8:30 am


أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 9 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 9 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 95 بتاريخ الأربعاء مايو 30, 2012 11:23 pm

 

 دولة المرابطين-د راغب السرجانى

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
وليد بحبكم في الله
صاحب الموقع



الدولة : مصر
دولة المرابطين-د راغب السرجانى C13e6510
ذكر
عدد المساهمات : 2471
تاريخ التسجيل : 12/03/2011

دولة المرابطين-د راغب السرجانى Empty
مُساهمةموضوع: دولة المرابطين-د راغب السرجانى   دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15الأحد يوليو 17, 2011 7:14 pm

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها.
و هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين: منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض.

دولة المرابطين

تعني القيام باتخاذ خيامًا على ثغور المسلمين لحمايتها والدفاع عنها، ومن هنا أطلق عليهم اسم المرابطين. ويُنسب المرابطون إلى قبيلة جدالة بموريتانيا.

كيف تحولوا من قمة الفساد إلى هذا الصلاح؟ وكيف بلغت هذه القوة؟

كانت أوضاع جدالة في منتهى الفساد والانحلال، ففكر قائدهم يحيى بن إبراهيم: ماذا يفعل ليصلح أحوال قبيلته؟ فاستدعى رجلاً يدعى عبد الله بن ياسين لكي يعظ هؤلاء الناس، وتنشأ دولة المرابطين من هذه الدعوة. وبعد وفاة عبد الله بن ياسين في سنة 451 هـ/ 1059م، يتولى أبو بكر بن عمر اللمتوني زعامة المرابطين بعد أن كان قد انضم هو وقبيلته إلى المرابطين، ويزداد أعداد المرابطين في عهده، وتتوسع الدولة، وينيب عنه ابن عمه يوسف بن تاشفين زعيمًا على المرابطين، ويذهب لنشر الإسلام في السنغال وغيرها من بقاع إفريقيا. أما يوسف بن تاشفين فلقد حارب حاييم بنمنّ الله، وحارب صالح بن طريف؛ لأنهم ادَّعوا النبوة، وبدأ ينشر الإسلام، حتى عاد أبو بكر بن عمر اللمتوني، فلما وجد يوسف بن تاشفين وقد نشر الإسلام وحارب أعداء الدين؛ فتنازل له عن الحكم وذهب إلى إفريقيا لنشر الإسلام، وقبل وفاته كانت دولة المرابطين تسيطر على ثلث إفريقيا.

المرابطون بالأندلس:
في سنة 478 هـ/ 1085م يعبر يوسف بن تاشفين إلى الأندلس ويتحد مع الأندلسيين ويهزم ألفونسو السادس في موقعة "الزَّلاَّقة" من أشهر مواقع التاريخ الإسلامي، ويوحد المغرب والأندلس تحت راية واحدة، وبعد وفاة يوسف بن تاشفين حرر المسلمون الكثير من الأراضي الإسلامية المحتلة.

ولكن هل تنتهي دولة المرابطين؟
نعم، كان لا بد من نهاية لهذه الدولة، ويعود السبب في ذلك إلى الفتنة بالدنيا والأموال، وانشغال المرابطين بالأمورالخارجية عن الأمور الداخلية، وكثرة الذنوب سواء في بلاد المغرب أو في الأندلس، وتعمق العلماء في الفروع دون الأصول. ومن العوامل المسئولة عن الانهيار أيضًا حدوث أزمة اقتصادية في آخر عهد المرابطين؛ بسبب البعد عن الطريق الصحيح.



مَنْ هُم المُرَابِطُون؟

قبيلة جُدَالة وأصل المرابطين:

كان التاريخ هو سنة 478 هـ= 1085 م، حيث سقطت طُلَيْطِلَة، وحوصرت إِشْبِيلِيّة، وعُقد مؤتمر القمة، ومن هذا التاريخ نعود إلى الوراء ثمانية وثلاثين عامًا، وبالتحديد في 440 هـ= 1048 م حيث أحداث "بربشتر" و"بلنسية" السابقة، لنكون مع بداية تاريخ المرابطين.

وكما غوّرنا في أعماق التاريخ، نعود ونغوّر في أعماق صحراء موريتانيا البلد الإسلامي الكبير، وبالتحديد في الجنوب القاحل، حيث الصحراء الممتدة، والجدب المقفر، والحرّ الشديد، وحيث أناس لا يتقنون الزراعة ويعيشون على البداوة.

في هذه المناطق كانت تعيش قبائل البربر، ومن قبائل البربر الكبيرة كانت قبيلة "صنهاجة"، وكانت قبيلتي "جُدَالَة ولَمْتُونة" أكبر فرعين في "صنهاجة"...

كانت "جُدَالة" تقطن جنوب موريتانيا، وكانت قد دخلت في الإسلام منذ قرون، وكان على رأس جدالة رئيسهم يحيى بن إبراهيم الجدالي، وكان لهذا الرجل فطرة سوّية وأخلاق حَسَنة.

نظر يحيى بن إبراهيم في قبيلته فوجد أمورًا عجيبة (كان ذلك متزامنًا مع مأساة بربشتر وبلنسية)، وجد الناس وقد أدمنوا الخمور، وألِفوا الزنى، حتى إن الرجل ليزني بحليلة جاره ولا يعترض جاره، تمامًا كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: [وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنْكَرَ] {العنكبوت:29}.

ولماذا يعترض الجار وهو يفعل نفس الشيء مع جاره؟!

فقد فشى الزنى بشكل مريع في جنوب موريتانيا في ذلك الزمن، وكثر الزواج من أكثر من أربعة، والناس ما زالوا مسلمين ولا ينكر عليهم أحد ما يفعلونه، فالسلب والنهب هو العرف السائد، القبائل مشتتة ومفرقة، القبيلة القوية تأكل الضعيفة، والوضع شديد الشبه بما يحدث في دويلات الطوائف، بل هو أشدّ وأخزى.

((وكان المغرب الأقصى في ذلك الوقت في محنة سياسية ودينية، حيث ظهرت دعوات منحرفة عن الإسلام وحقيقته وجوهره الأصيل، واستطاعت بعض الدعوات الكفرية أن تشكل كيانًا سياسيًا تحتمي به))... د. الصلابي - الجوهر الثمين بمعرفة دولة المرابطين

لقد كانت هذه الأوضاع سواء في بلاد الأندلس أو في موريتانيا أشد وطأةً مما نحن عليه الآن، فلننظر كيف يكون القيام، ولنتدبّر تلك الخطوات المنظّمة والتي سار أصحابها وفق منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء الدولة وإصلاح أحوال الأمة...


يحيى بن إبراهيم يحمل هم المسلمين

كان يحيى بن إبراهيم الجُدالي صاحب الفطرة النقيّة يعلم أن كلّ ما يفعله قومه من المنكرات، لكنه لم يكن بمقدوره التغيير؛ فالشعب كله في ضلال وعمى، وبعيد كل البعد عن الدين، كما أن الرجل نفسه لا يملك من العلم ما يستطيع به أن يغيّر الناس.

وبعد حيْرة وتفكّر هداه ربُّه لأن يذهب إلى الحج، ثم وهو في طريق عودته يُعرّج على حاضرة الإسلام في المنطقة وهي مدينة القيروان (في تونس الآن)، فيكلّم علماءَها المشهورين بالعلم لعلّ واحدًا منهم أن يأتي معه فيُعلّم قبيلته الإسلام.

وبالفعل ذهب إلى الحج وفي طريق عودته ذهب إلى القيروان، وقابل هناك أبا عمران موسى بن عيسى الفاسي (368 - 430 هـ= 979 - 1039 م )، وهو شيخ المالكية في مدينة القيروان

فلما التقى به يحيى بن إبراهيم الجدالي حكى له قصته وسأله عن الدواء، فما كان من أبي عمران الفاسي إلا أن أرسل معه شيخًا جليلًا يعلّم النّاس أمور دينهم.


ترى من هو هذا الشيخ؟!

كان عبد الله بن ياسين ( الزعيم الاول للمرابطين، وجامع شملهم، وصاحب الدعوة الإصلاحية فيهم. ت451 هـ= 1059 م) من شيوخ المالكية الكبار، له طلاب علم كثيرون في أرض المغرب والجزائر وتونس، كانوا يأتون إليه ويستمعون منه، وكان يعيش في حاضرة من حواضر الإسلام على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وها هو يقبل القيام بهذه المهمة الكبيرة، وفضّل أن يُغوّر في الصحراء ويترك كل ما هو فيه ليعلّم الناس الإسلام، ويقوم بمهمة الأنبياء والرسل، وهي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

لم يكن عبد الله بن ياسين فقيهًا فحسب وإنما استوعب العلوم والمناهج التي كانت في زمانه من أصول وفقه وحديث ولغة وغير ذلك وعاش تجارب كثيرة وأحاط بالكثير من مجريات الأمور التي تدور حوله، إضافة إلى ذلك اتصف ابنُ ياسين رحمه الله بالكثير من الصفات الأخلاقية والقيادية منها ما كان فطريًا ومنها ما اكتسبه بمجاهدته لنفسه وطول عبادته لربه، وهذه الأمور مجتمعةً جعلته أهلًا لأن يحمل هذه الأمانة العظيمة وجعلته حريًا أن يختاره شيوخه للقيام بهذه المهمة العظيمة في ذلك الوقت العصيب من تاريخ تلك المنطقة لتصبح بعد سنواتٍ قليلة منبعَ الخير للأمة كلها ومحضنَ المجاهدين وقبلة الراغبين في الجنة...

ومن أهمّ ما يميّز الشيخ أيضًا فهمه للواقع وأخذه بفقه الأولويات ومعرفة هدفه والعمل له بجدٍ واجتهادٍ وهمةٍ عاليةٍ وعزيمة صادقة، دون الصدام مع من يريدون لدعوته الفناء حرصًا على مصالح شخصية ومنافع دنيوية وأهداف دنيئة...


عبد الله بن ياسين ومهمة الأنبياء
اتّجه الشيخ عبد الله بن ياسين صَوْب الصحراء الكبرى، مخترقًا جنوب الجزائر وشمال موريتانيا حتى وصل إلى الجنوب منها، حيث قبيلة جُدَالة، وحيث الأرض المجدِبة والحرّ الشديد، وفي أناةٍ شديدة، وبعد ما هالَه أمر الناس في ارتكاب المنكرات أمام بعضهم البعض ولا ينكر عليهم منكر، بدأ يعلم الناس، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.

كان الناس في جهل مطبق وبعدٍ تام عن الإسلام قال القاضي عياض في ترتيب المدارك وتقريب المسالك - (جـ 2 / ص 64) واصفًا حال هؤلاء القوم في ذلك الوقت: كان الدين عندهم قليلاً، وأكثرهم جاهلية، ليس عند أكثرهم غير الشهادتين، ولا يعرف من وظائف الإسلام سواهما...

ولكن - وللأسف - ثار عليه أصحاب المصالح بل وثار عليه الشعب أيضًا، فالكل يريد أن يعيش في شهواته وملذاته ودون قيد أو شرط، وأصحاب المصالح هم أكبر مستفيد مما يحدث، فبدأ الناس يجادلونه ويصدّونه عما يفعل، ولم يستطع يحيى بن إبراهيم الجُدالي زعيم القبيلة أن يحميه، وذلك لأن الشعب كان لا يعرف الفضيلة، وفي ذات الوقت كان رافضًا للتغيير، ولو أصر يحيى بن إبراهيم الجُدالي على موقفه هذا لخلعه الشعب ولخلعته القبيلة.

لم يقنط الشيخ عبد الله بن ياسين، وحاول المرة تلو المرة، فبدأ الناس يهددونه بالضرب، وحين استمرّ على موقفه من تعليمهم الخير وهدايتهم إلى طريق رب العالمين، قاموا بضربه ثم هددوه بالطرد من البلاد أو القتل.

لم يزدد موقف الشيخ إلا صلابة، ومرّت الأيام وهو يدعو ويدعو حتى قاموا بالفعل بطرده من البلاد، ولسان حالهم: دعك عنا، اتركنا وشأننا، ارجع إلى قومك فعلمهم بدلًا منا، دع هذه البلاد تعيش كما تعيش فليس هذا من شأنك، وكأني أراه رأي العين وهو يقف خارج حدود القبيلة وبعد أن طرده الناس، تنحدر دموعه على خدّه، ويقول مشفقًا على قومه: [يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ] {يس:26}.

يريد أن يغيّر ولا يستطيع، أنْفس تتفلت منه إلى طريق الغواية والانحراف عن النّهج القويم ولا سبيل إلى تقويمها، حزّ في نفسه أن يولد الناس في هذه البلاد فلا يجدون من يعلمهم ويرشدهم، فأراد أن يبقى ولكن كيف يبقى؟ أيدخل جُدالة من جديد؟ لكنهم سيقتلونه، ولو كان في ذلك صلاحًا لهم فأهلا بالموت، لكن هيهات ثم هيهات...


عبد الله بن ياسين ونواة دولة المرابطين
جلس رحمه الله يفكر ويفكر ثم هداه ربه سبحانه وتعالى، فما كان منه إلا أن تعمّق في الصحراء ناحية الجنوب بعيدًا عن الحواضر والمدنية، حتى وصل إلى شمال السنغال (التي لا نعرف عنها سوى فريقها القومي، رغم كونها بلدًا إسلاميًا كبيرًا، حيث أكثر من 90 % من سكانه من المسلمين).

وهناك وفي شمال السنغال اعتزلهم عبد الله بن ياسين، متنسكًا في جزيرة، قال ابن خلدون - كما نقل عنه الزركلي في الأعلام جـ 8 / ص 160-: " يحيط بها النيل، ضحضاحًا في الصيف، يخاض بالاقدام، وغمرًا في الشتاء يعبر بالزوارق " صنع خيمة بسيطة له وجلس فيها وحده، ثم بعث برسالة إلى أهل جُدالة في جنوب موريتانيا، تلك التي أخرجه أهلُها منها يخبرهم فيها بمكانه، فمن يريد أن يتعلم العلم فليأتني في هذا المكان.

كان من الطبيعي أن يكون في جُدالة بعض الناس خاصّة من الشباب الذين تحرّكت قلوبهم وفطرتهم السوّية لهذا الدين، لكنّ أصحاب المصالح ومراكز القوى في البلاد كانوا يمنعونهم من ذلك، فحين علموا أنهم سيكونون بعيدين عن قومهم، ومن ثَمّ يكونون في مأمن مع شيخهم في أدغال السنغال، تاقت قلوبهم إلى لقياه، فنزلوا من جنوب موريتانيا إلى شمال السنغال، وجلسوا مع الشيخ عبد الله بن ياسين ولم يتجاوز عددهم في بادئ الأمر الخمسة نفر...!!

وفي خيمته وبصبر وأناة شديدين أخذ الشيخ عبد الله بن ياسين يعلّمهم الإسلام كما أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكيف أن الإسلام نظام شامل متكامل ينتظم كل أمور الحياة، وبدأ يعلمهم العقيدة الصحيحة، والجهاد في سبيل الله، وكيف يركبون الخيل ويحملون السيوف، وكيف يعتمدون على أنفسهم في مطعمهم ومشربهم، وكيف ينزلون إلى الغابات فيصطادون الصيد ويأتون به إلى الخيمة يطبخونه ويأكلونه ولا يستجدون طعامهم ممن حولهم من الناس.

ذاق الرجال معه حلاوة الدين، ثم شعروا أن من واجبهم أن يأتوا بمعارفهم وأقربائهم وذويهم، لينهلوا من هذا المعين، ويتذوقوا حلاوة ما تذوقوه، فذهبوا إلى جُدالة - وكانوا خمسة رجال - وقد رجع كل منهم برجل فأصبحوا عشرة، ثم زادوا إلى عشرين، وحين ضاقت عليهم الخيمة أقاموا خيمة ثانية فثالثة فرابعة، وبدأ العدد في ازدياد مستمر.

هذا ولم يملّ الشيخ عبد الله بن ياسين تعليمهم الإسلام من كل جوانبه، وكان يكثر من تعليمهم أنه إذا ما تعارض شيء مع القرآن أو السنة فلا ينظر إليه، وأنه لا بدّ من المحافظة على هذه الأصول، فالقرآن الكريم والسنة المطهرّة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام.


تربية المرابطين على منهج رسول الله
مع كثرة الخيام وازدياد العدد إلى الخمسين فالمائة فالمائة وخمسين فالمائتين، أصبح من الصعب على الشيخ توصيل علمه إلى الجميع، فقسمهم إلى مجموعات صغيرة، وجعل على كل منها واحدًا من النابغين، وهو نفس منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم بداية من دار الأرقم بن أبي الأرقم، وحين كان يجلس صلى الله عليه وسلم مع صحابته في مكة يعلمهم الإسلام، ومرورًا ببيعة العقبة الثانية حين قسم الاثنين والسبعين رجلًا من أهل المدينة المنورة إلى اثني عشر قسمًا، وجعل على كل قسم (خمسة نفر) منهم نقيبًا عليهم، ثم أرسلهم مرة أخرى إلى المدينة المنورة حتى قامت للمسلمين دولتهم.

وهكذا أيضًا كان منهج الشيخ عبد الله بن ياسين، حتى بلغ العدد في سنة 440 هـ= 1048 م، بعد أربعة أعوام فقط من بداية دعوته ونزوحه إلى شمال السنغال إلى ألف نفس مسلمة

[نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ] {الصَّف:13}.

فبعد أن طُرد الرجل وأُوذي في الله وضُرب وهُدّد بالقتل، إذا به ينزل بمفرده إلى أعماق الصحراء حتى شمال السنغال وحيدًا طريدًا شريدًا، ثم في زمن لم يتعدى الأربع سنوات يتخرج من تحت يديه ألف رجل على أفضل ما يكون من فهم الإسلام وفقه الواقع.

وفي قبائل صنهاجة المفرّقة والمشتتة توزّع هؤلاء الألف الذين كانوا كما ينبغي أن يكون الرجال، فأخذوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، يعلمون الناس الخير ويعرفونهم أمور دينهم، فبدأت جماعتهم تزداد شيئًا فشيئًا، وبدأ الرقم يتخطى حاجز الألف إلى مائتان وألف ثم إلى ثلاثمائة وألف، يزداد التقدم ببطء لكنه تقدم ملموس جدًا.


كيف كانت الحياة في الرباط؟
كان هذا الرباط الذي أقامه الداعية الرباني الفقيه عبد الله بن ياسين بمثابة جامعة عظيمة تخرّج فيها الكثير من القادة والمربين على يد هذا الشيخ الجليل وعلى يد من تربوا على يديه، ولنقترب أكثر من الشيخ وتلامذته في هذا الرباط لنرى حياتهم عن قرب ونعيش بعض مواقفهم ونعرف أسلوب حياتهم في هذا المكان...

أولً: كان المقبلون على الشيخ في هذا المكان البعيد عن العمران هم الصفوة من بين أهل تلك البلاد التي رفض أهلها بقاء الشيخ بينهم، ورفضوا دعوته اتباعًا لأهوائهم وإيثارًا لدنياهم على آخرتهم، فكان هؤلاء الصفوة الذين انقطعوا إلى الشيخ وتركوا أهلهم وذويهم أهلًا لأن يتربوا على يد هذا المربى العظيم، بل كانوا أهلًا لأن يكون أساتذةً لجيل المرابطين المجاهدين بعد ذلك...

ثانيًا: بدأ الشيخ المربي العظيم عبد الله بن ياسين يعلّم هؤلاء الصفوة ويربيهم على الأسس الإسلامية الصحيحية وعلى الفهم الشامل العميق للإسلام، وكانت تربيته عملية لا نظرية فهم يطبّقون ما يتعلمونه على الفور، وكان الشيخ بفهمه الواضح ونظرته الثاقبة يعرف أولولياته ويرتّبها ولا يستعجل الخطى بل يسير مع تلامذته في أناة شديدة حتى يكون النضج على أحسن ما يكون.

ثالثًا: عاش هذا الجيل من المرابطين في هذا المكان - الرباط - حياة الجهاد والتقشف وكان يعتمدون إلى حدٍّ كبير على الصيد ويقتسمون بينهم ما يرزقهم الله به ويؤثرون بعضهم بعضًا، وربما آثر أحدهم أن ينام جائعًا ويطعم أخاه، فقد أصّل الشيخ فيهم معاني الإيثار والحب في الله والأخوة الإسلامية...قال صاحب كتاب (دولة المرابطين): "وكان أهل الرباط في قمة من الصفاء الروحي، ويعيشون حياة مثالية في رباطهم فيتعاونون على قوتهم اليومي معتمدين على ما توفره لهم جزيرتهم من الصيد البحري يقنعون بالقليل من الطعام، ويرتدون الخشن من الثياب".

وإن هذه النماذج لتذكرنا بالجيل الأول الذي رباه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والذين قال الله فيهم: [لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] {الحشر 8} ولا عجب فإن عبد الله بن ياسين رحمه الله قد اتّبع في تّرْبية تلاميذه من المرابطين المنهج النبوي العظيم الذي اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت تلك ثمرته المرجوّة، ومتى اتبع المربّون والمعلّمون هذا المنهج في بناء الأجيال الإسلامية فليس هناك من شك أن هذه الأجيال سترفع راية الإسلام عالية خفّاقة على ربوع العالم كله وسيُعيد المسلمون كل ما افتقدوه من أرض ومقدسات، فهل من مجيب؟!

رابعًا: جمع الشيخ في تربيته للمرابطين بين تربيته لنفوسهم وأرواحهم على الصفاء والنقاء والطاعة لله وبين تربية أجسادهم على القوة والمتانة وتحمّل الصعاب وذلك لأنه يعدّهم لأمر مهم وخطب جلل لا يصلح له إلا من تربى عقلُه على العلم والفقه وروحه على الصفاء والنقاء وجسدُه على الخشونة وقوّة التحمّل.

خامسًا: تدرّج الشيخ - رحمه الله - في بناء القوة في تلامذته المرابطين فبدأ بتأصيل العقيدة الصحيحة في نفوسهم ولم يكن الشيخ يكثر في ذلك من مطالعة العلوم الكلامية والخلافات بين الفرق والتقعّر والتعمّق في أمور لا طائل من ورائها وإنما كان يربي عندهم العقيدة السليمة من خلال التفكر في خلق الله ونعمِهِ ومن خلال العبادة الدائمة من ذكر وصيام وقيام وتهجد وتلاوة للقرآن...وفي خطٍ موازٍ لتأصيل العقيدة الصحيحة في النفوس كان الشيخ - رحمه الله - يبني في جانب آخر من جوانب القوة ألا وهو قوة الإخاء والحب فيما بين المرابطين وهو جانب لا يستهان به بحال من الأحوال، فقوة الأخوة في الله ينبني عليها الكثير من مقوّمات النصر والتمكين، ويحسنُ بها الترابط بين الجنود فيؤثر كل منهم صاحبه على نفسه، ويفتديه بما يستطيع، ويسمع له ويطيع - إن أُمّر عليه - في المنشط والمكره انطلاقًا من هذا الحب وتلك الأخوة...

ومع هاتين القوتين اللّتين حرص الشيخ على بنائهما في جنوده المرابطين لم يكن - رحمه الله - ليُغفل جانبًا مهمًّا من جوانب القوّة ألا وهو قوّة الساعد والسلاح فقد كان الشيخ - رحمه الله - وكما ذكرنا سابقًا يربى تلامذته على الخشونة في المطعم والملبس كما كانوا يتدربون أيضًا على فنون القتال المختلفة استعدادًا لما ينتظرهم من أمور عظيمة، بها عزّ الإسلام ونصرة المسلمين.

وقد انطلق الشيخ - رحمه الله - في كل هذه الأمور من قول الله تعالى [وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ] {الأنفال 60}


إن من يقرأ عن الشيخ عبد الله بن ياسين والمرابطين الذين كانوا معه قراءة عابرة يظن أنهم جماعة من الناس اعتزلوا قومهم ليعبدوا الله بعيدًا عن ضوضاء العمران ومشاكل الناس فحسب، ولم يكن الأمر كذلك على الإطلاق بل كان هذا الاعتزال جزءًا من خطة كبيرة يتم تنفيذها خطوة بعد خطوة بفهم سليم وعمق في التفكير ودقة في التخطيط وبراعة في التنفيذ.

ومما يلفت النظر كذلك في هذا الرباط المبارك الدقة العالية في التنظيم والتي اتبعها الشيخ ونفذها في هذا الرباط فقد قسّم الشيخ مَن معه إلى مجموعات كثيرة جعل على كلٍ منها واحدًا يعلمهم ويفقههم ويربيهم وعن طريقه تصل إليهم تعليمات الشيخ وتوجيهاته، كما تم تقسيم قادة هذه المجموعات إلى مجموعات أخرى على كلٍ منها أحد النابغين الأذكياء وهكذا يكبر هذا الهرم ليكون في قمّته الشيخ المربي - رحمه الله - يصدر تعليماته فتصل إلى الجميع في انسياب وسهولة دون تعقيد أو تغيير...

كوّن الشيخ - رحمه الله - من نجباء تلاميذه مجلسًا للشورى، كما شكّل إدارات متعددة لتقوم بأمر الرباط والمرابطين، خاصة بعد أن أن صاروا من الكثرة بمكان...


يحيى بن عمر اللمتوني والمرابطون
وفي سنة 445 هـ= 1053 م يحدث ما هو متوقع وليس بغريب عن سنن الله سبحانه وتعالى فكما عهدنا أن من سنن الله سبحانه وتعالى أن يتقدم المسلمون ببطء في سلّم الارتفاع والعلو، ثم يفتح الله عليهم بشيء لم يكونوا يتوقعونه، وكما حدث للمسلمين - كما ذكرنا - في عهد عبد الرحمن الناصر من دخول سرقسطة وموت عمر بن حفصون، أيضا في هذه البلاد تحدث انفراجة كبيرة، ويقتنع بفكرة الشيخ عبد الله بن ياسين وجماعته من شباب قبيلة جُدالة يحيى بن عمر اللمتوني ( ت 447 هـ= 1055 م ) زعيم ثاني أكبر قبيلتين من قبائل صنهاجة وهي قبيلة لمتونة - القبيلة الأولى هي جُدالة كما ذكرنا -.

فدخل في جماعة المرابطين، وعلى الفور وكما فعل الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه حين دخل الإسلام وذهب إلى قومه وكان سيدًا عليهم وقال لهم: إن كلام رجالكم ونسائكم وأطفالكم عليّ حرام، حتى تشهدوا أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، قام يحيى بن عمر اللمتوني وفعل الأمر نفسه، وذهب إلى قومه وأتى بهم ودخلوا مع الشيخ عبد الله بن ياسين في جماعته، وأصبح الثلاثمائة وألف سبعةَ آلافٍ في يوم وليلة، مسلمون كما ينبغي أن يكون الإسلام.

وفي مثال لحسن الختام وبعد قليل من دخول قبيلة لَمْتُونة في جماعة المرابطين يموت زعيمهم الذي دلّهم على طريق الهداية الشيخ يحيى بن عمر اللمتوني ( 447 هـ= 1055 م)، ثم يتولى من بعده زعامة القبيلة الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني ( 480 هـ= 1087 م ).

دخل الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني بحماسة شديدة مع الشيخ عبد الله بن ياسين، وبدأ أمرهم يقوى وأعدادهم تزداد، وبدأ المرابطون يصلون إلى أماكن أوسع حول المنطقة التي كانوا فيها في شمال السنغال، فبدءوا يتوسعون حتى وصلت حدودهم من شمال السنغال إلى جنوب موريتانيا، وأدخلوا معهم جُدالة، فأصبحت جُدالة ولَمْتُونة وهما القبيلتان الموجودتان في شمال السنغال وجنوب موريتانيا جماعة واحدةً تمثّل جماعة المرابطين.

أما الشيخ "عبد الله بن ياسين" ففي إحدى جولاته وبينما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في إحدى القبائل، حاربوه وقاتلوه حتى استشهد رحمه الله سنة 451 هـ= 1059 م بعد أن أمضى أحد عشر عامًا من تربية الرجال على الجهاد والفقه الصحيح لمعاني الإسلام العظيمة، استُشهد رحمه الله وقد ترك اثنا عشر ألف مجاهد قد تربوا على منهج سول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح.


أبو بكر بن عمر اللمتوني وزعامة دولة المرابطين
بعد الشيخ "عبد الله بن ياسين" يتولّى الشيخ "أبو بكر بن عمر اللمتوني" ( 480 هـ= 1087 م ) زعامة جماعة المرابطين، وفي خلال سنتين من زعامته لهذه الجماعة الناشئة يكون قد ظهر في التاريخ ما يُعرف بدويلة المرابطين، وأرضها آنذاك شمال السنغال وجنوب موريتانيا، وهي بعد لا تكاد تُرى على خريطة العالم.

وبعد سنتين من تولّي الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني زعامة المرابطين، وفي سنة 453 هـ= 1061 م يسمع بخلاف قد نشب بين المسلمين في جنوب السنغال في منطقة بعيدة تمامًا عن دويلة المرابطين، ولعلمه أن الخلاف شر وأنه لو استشرى بين الناس فلن يكون هناك مجال للدعوة، نزل بعجالة ليحلّ هذا الخلاف رغم أن الناس ليسوا في جماعته وليسوا من قبيلته، لكنه وبحكمة شديدة يعلم أنه الحق ولا بد له من قوة تحميه.

وفي السنة المذكورة كان قد وصل تعداد المرابطين قرابة الأربعة عشر ألفا، فأخذ نصفهم وجاب أعماق السنغال في جنوبها ليحل الخلاف بين المتصارعين هناك، تاركًا زعامة المرابطين لابن عمه يوسف بن تاشفين (410 - 500 هـ= 1019 - 1106 م ) رحمه الله.

يستطيع أبو بكر بن عمر اللمتوني أن يحل الخلاف الذي حدث في جنوب السنغال، لكنه يفاجأ بشيء عجيب، فقد وجد في جنوب السنغال وبجانب هذه القبائل المتصارعة قبائل أخرى وثنية لا تعبد الله بالكلية، وجد قبائل تعبد الأشجار والأصنام وغير ذلك، وجد قبائل لم يصل إليها الإسلام بالمرة.

حزّ ذلك في نفسه رحمه الله حيث كان قد تعلّم من الشيخ عبد الله بن ياسين أن يحمل همّ الدعوة إلى الله، وأن يحمل همّ هداية الناس أجمعين حتى إن لم يكونوا مسلمين، وأن يسعى إلى التغيير والإصلاح بنفسه، فأقبل الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني بالسبعة آلاف الذين معه يعلمونهم الإسلام ويعرفونهم دين الله، فأخذوا يتعلمون ويتعجبون: كيف لم نسمع بهذا الدين من قبل! كيف كنا بعيدين عن هذا الدين الشامل المتكامل! حيث كانوا يعيشون في أدغال أفريقيا ويفعلون أشياء عجيبة، ويعبدون أصنامًا غريبة، ولا يعرفون لهم ربًا ولا إلهًا.

وبصبرٍ شديدٍ ظلّ أبو بكر بن عمر اللمتوني يدعوهم إلى الإسلام، فدخل منهم جمع كثير وقاومه جمع آخر؛ ذلك لأن أهل الباطل لا بدّ وأن يحافظوا على مصالحهم، حيث أنهم مستفيدون من وجود هذه الأصنام، ومن ثَمّ فلا بدّ وأن يقاوموه، فصارعهم أيضًا والتقى معهم في حروب طويلة.

ظلّ الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني يتوسع في دعوته ويتنقل من قبيلة إلى قبيلة، وفي 468 هـ= 1076 م وبعد خمس عشرة سنة كاملة من تركه جنوب موريتانيا وهو زعيم على دويلة المرابطين، يعود رحمه الله بعد مهّمة شاقة في سبيل الله عز وجل يدعو إلى الله على بصيرة، فيُدخل في دين الله ما يُدخل، ويحارب من صد الناس عن دين الله سبحانه وتعالى حتى يرده إلى الدين أو يصده عن صده.

((لقد كان أبو بكر بن عمر من أعظم قادة المرابطين، واتقاهم وأكثرهم ورعًا ودينًا وحبًا للشهادة في سبيل الله، وساهم في توحيد بلاد المغرب، ونشر الإسلام في الصحارى القاحلة وحدود السنغال والنيجر، وجاهد القبائل الوثنية حتى خضعت وانقادت للإسلام والمسلمين، ودخل من الزنوج أعداد كبيرة في الإسلام، وساهموا في بناء دولة المرابطين الفتيّة، وشاركوا في الجهاد في بلاد الأندلس وصنعوا مع إخوانهم المسلمين في دولة المرابطين حضارة متميّزة)) د. الصلابي - الجوهر الثمين بمعرفة دولة المرابطين


يوسف بن تاشفين ومهام صعبة

منذ أن ترك الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني دويلة المرابطين في جنوب موريتانيا وشمال السنغال في سنة 453 هـ= 1061 م والشيخ يوسف بن تاشفين ينتظر وصوله، مرّ يوم ويومان وشهر وشهران ولم يرجع، وحين علم أنه قد توغّل في أفريقيا ما كان منه رحمه الله إلا أن بدأ ينظر في الشمال باحثًا عمن ابتعد عن دين الله يعلّمه ويردّه إليه.

نظر يوسف بن تاشفين في شمال موريتانيا (المنطقة التي تعلوه) وفي جنوب المغرب العربي فرأى من حال البربر الذين يعيشون في هذه المنطقة وبالتحديد في سنة 453 هـ= 1061 م رأى أمورًا عجبًا، هذه بعض منها:

أولًا: قبيلة غمارة:

هي من قبائل البربر وقد وجد فيها رجلًا يُدعى حاييم بن منّ الله يَدّعي النبوة وهو من المسلمين، والغريب أنه لم ينكر نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل قال إنه نبي على دين الإسلام، ثم أخذ يُشرّع للناس شرعًا جديدًا وهم يتبعونه في ذلك ويظنون أن هذا هو الإسلام.

فرض حاييم بن منّ الله على قبيلته صلاتين فقط في اليوم والليلة، إحداها في الشروق والأخرى في الغروب، وبدأ يؤلّف لهم قرآنًا بالبربرية، ووضع عنهم الوضوء، ووضع عنهم الطُّهر من الجنابة، كما وضع عنهم فريضة الحج، وحرّم عليهم أكل بيض الطيور وأحلّ لهم أكل أنثى الخنزير، وأيضا حرّم أكل السمك حتى يُذبح.

وإنه لخلط وسَفه بَيّنٌ خاصة حين يَدّعي أنّه من المسلمين، كما أنه من العجب أن يتبعه الناس على هذا الأمر ويعتقدون أن هذا هو الاسلام.

قبيلة برغواطة:

هي قبيلة أخرى من قبائل البربر في تلك المنطقة، على رأسها كان رجل يُدعى صالح بن طريف بن شمعون، ذلك الذي لم يكن بصالح ادّعى أيضًا النبوة، وفرض على الناس خمس صلوات في الصباح وخمس في المساء، وفرض عليهم نفس وضوء المسلمين بالإضافة إلى غسل السُّرّة وغسل الخاصرتين، كما فرض عليهم الزواج من غير المسلمات فقط، وجوّز لهم الزواج بأكثر من أربعة، وأيضًا فرض عليهم تربية الشعر للرجال في ضفائر وإلا أثموا، ومع كل هذا فقد كان يدّعي أنه من المسلمين.

قبيلة زناتة:

كانت قبيلة زناته من القبائل السنيّة في المنطقة، وكانت تعرف جزءًا من الإسلام، هو جانب العبادات وأمور العقيدة، فقد كانوا يصلون كما ينبغي أن تكون الصلاة، ويزكون كما يجب أن تكون الزكاة، لكنهم كانوا يسلبون وينهبون مَنْ حولهم، والقوي فيهم يأكل الضعيف، فَصَلُوا الدين تماما عن أمور الدنيا وسياسة الحياة العامة، فلم يكن الدين عندهم إلا صلاة وصيام وحج، وفي غير ذلك من المعاملات افعل ما بدا لك ولا حرج.

كان من هذا القبيل الكثير والكثير الذي يكاد يكون قد مرق من الدين بالكلية، وقد كانت هناك قبيلة أخرى تعبد الكبش وتتقرب به إلى رب العالمين، وبالتحديد في جنوب المغرب، تلك البلاد التي فتحها عقبة بن نافع ثم موسى بن نصير رضي الله عنهما.

يوسف بن تاشفين وصناعة النصر والحضارة

شق ذلك الوضع كثيرًا على يوسف بن تاشفين رحمه الله فأخذ جيشه وانطلق إلى الشمال ليدعو الناس إلى الإسلام، دخل معه بعضهم لكن الغالب قاومه وحاربه، فحاربه حاييم بن منّ الله، وحاربه صالح بن طريف، وحاربته كل القبائل الأخرى في المنطقة، حتى حاربته قبيلة زناتة السنية، فحاربهم بالسبعة آلاف رجل الذين تركهم معه أبو بكر بن عمر اللمتوني رحمه الله، وبمرور الأيام بدأ الناس يتعلمون منه الإسلام ويدخلون في جماعته المجاهدة.

وبعد رجوع الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني في سنة 468 هـ= 1076 م وبعد خمس عشرة سنة من الدعوة - كما ذكرت - في جنوب السنغال وأدغال أفريقيا، يرى يوسف بن تاشفين رحمه الله الذي كان قد تركه فقط على شمال السنغال وجنوب موريتانيا في سنة 453 هـ= 1061 م يراه أميرًا على: السنغال بكاملها، وموريتانيا بكاملها، والمغرب بكاملها، والجزائر بكاملها، وتونس بكاملها، وعلى جيش يصل إلى مائة ألف فارس غير الرجالة، يرفعون راية واحدة ويحملون اسم المرابطين.

وجد أبو بكر بن عمر اللمتوني كذلك أن هناك مدينة قد أُسست على التقوى لم تكن على الأرض مطلقا قبل أن يغادر، وتلك هي مدينة "مراكش"، والتي أسسها الأمير يوسف بن تاشفين، وكان أول بناء له فيها هو المسجد الذي بناه بالطين والطوب اللبن، تمامًا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحمل بنفسه الطين مع الناس تشبهًا أيضًا بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأمير على مائة ألف فارس.

وكذلك وجد الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني رجلًا قد أسس حضارة لم تُعرف في المنطقة منذ سنوات وسنوات، ثم هو بعد ذلك يراه زاهدا متقشفًا ورعًا تقيًا، عالمًا بدينه طائعًا لربه، فقام الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني بعمل لم يحدث إلا في تاريخ المسلمين فقط، حيث قال ليوسف بن تاشفين: أنت أحق بالحكم مني، أنت الأمير، فإذا كنتُ قد استخلفتُك لأجلٍ حتى أعود فإنك تستحق الآن أن تكون أميرًا على هذه البلاد، أنت تستطيع أن تجمع الناس، وتستطيع أن تملك البلاد وتنشر الإسلام أكثر من ذلك، أما أنا فقد ذقت حلاوة دخول الناس في الإسلام، فسأعود مرة أخرى إلى أدغال أفريقيا أدعو إلى الله هناك.

أبو بكر بن عمر اللمتوني رجل الجهاد والدعوة

نزل الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني رحمه الله مرة أخرى إلى أدغال أفريقيا يدعو من جديد، فأدخل الإسلام في غينيا بيساو جنوب السنغال، وفي سيراليون، وفي ساحل العاج، وفي مالي، وفي بوركينا فاسو، وفي النيجر، وفي غانا، وفي داهومي، وفي توجو، وفي نيجريا وكان هذا هو الدخول الثاني للإسلام في نيجريا؛ حيث دخلها قبل ذلك بقرون، وفي الكاميرون، وفي أفريقيا الوسطى، وفي الجابون.

فكانت أكثر من خمس عشرة دولة أفريقية قد دخلها الإسلام على يدِ هذا المجاهد البطل الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني رحمه الله هذا الرجل الذي كان إذا دعا إلى الجهاد في سبيل الله - كما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية - كان يقوم له خمسمائة ألف مقاتل، أي نصف مليون من المقاتلين الأشداء غير من لا يقومون من النساء والأطفال، وغير بقية الشعوب في هذه البلاد من أعداد لا تحصى قد هداها الله على يديه.

وما من شك أنه كلما صلى رجل صلاة في النيجر أو في مالي أو في نيجريا أو في غانا، كلما صلى رجل صلاة هناك، وكلما فعل أحد منهم من الخير شيئا أُضيف إلى حسنات الشيخ أبو بكر بن عمر اللمتوني ومن معه رحمهم الله.

قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: "أبو بكر بن عمر أمير الملثمين كان في أرض فرغانة، اتفق له من الناموس ما لم يتفق لغيره من الملوك، كان يركب معه إذا سار لقتال عدو خمسمائة ألف مقاتل، كان يعتقد طاعته، وكان مع هذا يقيم الحدود ويحفظ محارم الاسلام، ويحوط الدين ويسير في الناس سيرة شرعية، مع صحة اعتقاده ودينه، وموالاة الدولة العباسية، أصابته نشابة في بعض غزواته في حلقه فقتلته..."

ها هو رحمه الله وبعد حياة طويلة متجردة لله سبحانه وتعالى يستشهد في إحدى فتوحاته في سنة 480 هـ= 1087 م، وما استمتع بملكٍ قط بل كان يغزو في كل عام مرتين، يفتح البلاد ويعلّم الناس الإسلام، لتصبح دولة المرابطين قبل استشهاده رحمه الله ومنذ سنة 478 هـ= 1085 م متربعة على خريطة العالم ممتدة من تونس في الشمال إلى الجابون في وسط أفريقيا، وهي تملك أكثر من ثلث مساحة أفريقيا.

لذلك حين قرأ "ألفونسو السادس" رد "المعتمد على الله بن عباد" أمير إشبيلية المحاصرة من قِبل الأول: لأروحنّ لك بمروحة من المرابطين، علم أنه سيواجه ثلث أفريقيا، وعلم أنه سيقابل أقوامًا عاشوا على الجهاد سنوات وسنوات، فقام من توّه بفكّ الحصار ثم الرحيل.

دولة المرابطين ويوسف بن تاشفين أمير المسلمين وناصر الدين

كانت بداية حديثنا عن تاريخ المرابطين هو سنة 440 هـ= 1048 م وكانت البداية برجل واحد فقط هو الشيخ عبد الله بن ياسين، ثم كان الصبر والتربية المتأنية في الدعوة إلى الله على النهج الصحيح القويم ليصل عدد المرابطين وينتشرون بهذا الحجم الذي أشرنا إليه، والذي يمثّل الآن أكثر من عشرين دولة أفريقية.

فقط كان ذلك بعد ثمان وثلاثين سنة، وتحديدًا في سنة 478 هـ= 1085م، ويصبح يوسف بن تاشفين رحمه الله زعيم هذه الدولة العظيمة، ويسمي نفسه: أمير المسلمين وناصر الدين، وحين سُئِل لماذا لا تتسمى بأمير المؤمنين؟ أجاب: هذا شرف لا أدّعيه، هذا شرف يخصّ العباسيين وأنا رجلهم في هذا المكان.

كان العباسيون في هذه الفترة لا يملكون سوى بغداد فقط، وكان يوسف بن تاشفين يريد للمسلمين أن يكونوا تحت راية واحدة، ولم يُرِد رحمه الله أن يشق عصا الخلافة، ولا أن ينقلب على خليفة المسلمين، وكان يتمنى أن لو استطاع أن يضم قوته إلى قوة الخليفة العباسي هناك، ويصبح رجلًا من رجاله في هذه البلاد فقال مجمّعا مؤمّلا: وأنا رجلهم في هذا المكان، وهذا هو الفقه الصحيح والفهم الشامل للإسلام...


يوسف بن تاشفين ووفد الأندلس
في سنة 478 هـ= 1085م وفي مراكش يستقبل يوسف بن تاشفين الوفد الذي جاء من قِبل بعض ملوك الطوائف - كما ذكرنا - يطلبون العون والمساعدة في وقف وصدّ هجمات النصارى عليهم، وإذا به رحمه الله يتشوّق لمثل ما يطلبون، حيث الجهاد في سبيل الله ومحاربة النصارى، فيالها من نعمة، ويالها من أمنية.

ما كان منه رحمه الله إلا أن انطلق معهم وبنحو سبعة آلاف فقط من المجاهدين، رغم أن قوته في الشمال الأفريقي مائة ألف مقاتل، وكان لديه في الجنوب خمسمائة ألف، وقد كان هذا ملمح ذكاءٍ منه؛ إذ لم يكن رحمه الله وهو القائد المحنك ليخرج ويلقِي بكل قواته في الأندلس، ويتحرك بعشوائية تاركًا وراءه هذه المساحات الشاسعة في شمال وجنوب أفريقيا بلا حراسة ولا حماية، ومن ثَمّ فقد رأى أن يظلّ أحد الجيوش رابضًا في تونس وآخر في الجزائر ومثله في المغرب وهكذا في كل البلاد الإفريقيه التي فُتحت.

أعدّ العدة رحمه الله وجهّز السفن، وبينما يعبر مضيق جبل طارق، وفي وسطه يهيج البحر وترتفع الأمواج وتكاد السفن أن تغرق، وكما كان قائدًا يقف هنا قدوة وإمامًا، خاشعًا ذليلًا، يرفع يديه إلى السماء ويقول:

اللهم إن كنت تعلم أن في عبورنا هذا البحر خيرا لنا وللمسلمين فسهّل علينا عبوره، وإن كنت تعلم غير ذلك فصعّبه علينا حتى لا نعبره، فتسكن الريح، ويعبر الجيش، وعند أول وصول له، والوفود تنتظره ليستقبلونه استقبال الفاتحين، يسجد لله شكرًا أن مكنّه من العبور، وأن اختاره ليكون جنديًا من جنوده سبحانه وتعالى ومجاهدًا في سبيله.

يوسف بن تاشفين وقدوة كانت قد افتقدت وغُيّبت

يدخل يوسف بن تاشفين أرض الأندلس، ويدخل إلى إشبيلية والناس يستقبلونه استقبال الفاتحين، ثم يعبر في اتجاه الشمال إلى ناحية مملكة "قشتالة" النصرانية، تلك التي أثارت الرعب في قلوب كل الأمراء الموجودين في بلاد الأندلس في ذلك الوقت، يتجه إليها في عزّة نفس ورباطة جأش منقطعة النظير بسبعة آلاف فقط من الرجال.

كان الأندلسيون ومنذ أكثر من سبعين سنة، في ذلّ وهوان وخنوع يدفعون الجزية للنصارى، وحينما شاهدوا هؤلاء الرجال الذين ما ألِفوا الذلّ يومًا، وما عرفوا غير الرباط في سبيل الله، حينما شاهدوهم يعبرون القفار ويتخطون البحار حاملين أرواحهم على أكفّهم من أجل عزِّ الإسلام وإعلاء كلمة الله ورفعة المسلمين، حينما شاهدوهم على هذه الحال تبدّلوا كثيرًا، وتاقت نفوسهم إلى مثل أفعالهم، فأقبلوا على الجهاد، وأذّنوا بحي على خير العمل.

قال المقري في نفح الطيب: واجتمع بالمعتمد بن عباد بإشبيلية، وكان المعتمد قد جمع عساكره أيضاً، وخرج من أهل قرطبة عسكر كثير، وقصده المطوعة من سائر بلاد الأندلس، ووصلت الأخبار إلى الأذفونش فجمع عساكره، وحشد جنوده، وسار من طليطلة...

وبدأ يلحق بركب يوسف بن تاشفين الرجل من قرطبة والرجل من إشبيلية، وآخر من بطليوس، وهكذا حتى وصل الجيش إلى الزَّلَّاقة في شمال البلاد الإسلامية على حدود "قشتالة"، وعدده يربو على الثلاثين ألف رجل.

ولا نعجب فهذه هي أهمية القدوة وفعلها في المسلمين وصورتها كما يجب أن تكون، تحركت مكامن الفطرة الطيبة، وعواطف الأخوّة الصادقة، والغيرة على الدين الخاتم، تلك الأمور التي توجد لدى عموم المسلمين بلا استثناء، وتحتاج فقط إلى من يحرّكها من سباتها.



يوسف بن تاشفين ودولة واحدة على المغرب والأندلس
لم يكن دخول يوسف بن تاشفين الأندلس أمرًا سهلًا، فقد حاربه الأمراء هناك بما فيهم المعتمد على الله بن عبّاد، ذلك الرجل الذي لم يجد العزّة إلا تحت راية يوسف بن تاشفين رحمه الله قبل وبعد الزلاقة، قام المعتمد على الله بمحاربته وأنّى له أن يحارب مثله...

استعرت نار الحرب بين المرابطين وملوك الطوائف وانتهت بضم كل ممالك الأندلس لدولة المرابطين إلا "سرقسطة" التي حكمها أحمد بن هود، والذي كان كالشوكة في حلق النصارى، فقد قاومهم زمنًا طويلًا، وتراجع النصارى أمام صمود بني هود البطولي، وأظهر بنود هود مقدرة فائقة على قتال النصارى مما جعل المرابطين يحترمونهم، وتوطدت العلاقة الودية بين الأمير يوسف والأمير احمد بن هود الذي كان وفيًا في عهوده، ومخلصًُا في جهاده، وحريصًا على أمته، ورضي المرابطون ببقاء أحمد بن هود حاكمًا تابعًا لهم، وبذلك أصبحت الأندلس ولاية تابعة لدولة المرابطين، وتوارت العناصر والزعامات الهزيلة وانهار سلطان العصبيات الطائفية. الأندلس في عصر المرابطين ص 112

فاستطاع يوسف بن تاشفين أن يضمّ كل بلاد الأندلس تحت لوائه، وأن يحرّر "سرقسطة"، تلك التي كان النصارى قد أخذوها بعد أن قسّمها أميرها بين ولديه - كما ذكرنا - واستطاع أن يضمّها إلى بلاد المسلمين، وقد أصبح أميرًا على دولة تملك من شمال الأندلس وبالقرب من فرنسا وحتى وسط أفريقيا، دولة واحدة اسمها دولة المرابطين.

ظلّ هذا الشيخ الكبير يحكم حتى سنة 500 هـ= 1106 م وكان قد بلغ من الكبر عتيًا، وتوفي رحمه الله بعد حياة حافلة بالجهاد وقد وفّى تمام المائة، منها سبع وأربعين سنة في الحكم، وكان تمام ستين سنة على ميلاد دولة المرابطين، تلك التي أصبحت من أقوى دول العالم في ذلك الزمان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://raby.own0.com
مريم
عضو مجلس الادارة
مريم


وسام اقلام حرة
الدولة : مصر
دولة المرابطين-د راغب السرجانى C13e6510
انثى
عدد المساهمات : 7056
تاريخ التسجيل : 05/12/2011
المزاج المزاج : رضا بقضاء الله
تعاليق : كُـــــنُ فـِ الدّنـيـــَــا كـَ عــَــابــِــر سـَبيــــِـلْ
وَاتــْـرِكْ وَرَاءكْ كُــــلّ اثـَــرٌ جَميـِــلْ
فمَـــا نَحــْـنَ فَيهـَـا إلا ضِيـــوفْ
¨وَمَا عَلىْ الضّيف ألا الرّحِيلْ

دولة المرابطين-د راغب السرجانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة المرابطين-د راغب السرجانى   دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15الأربعاء فبراير 22, 2012 7:42 pm

دولة المرابطين-د راغب السرجانى Jazak
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أميرة بأخلاقى
المراقب العام
المراقب العام
أميرة بأخلاقى


وسام شعلة المنتدى
الدولة : مصر
دولة المرابطين-د راغب السرجانى C13e6510
انثى
عدد المساهمات : 1784
تاريخ التسجيل : 15/05/2012
تعاليق :

أنا لا أحيا بلا كرامتــــــــــــــى لذا لن أســـمح أن أكون ولو لمرة واحدة
في حياتي
رقمـــا يضــاف إلى قائمـــة أحد

دولة المرابطين-د راغب السرجانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة المرابطين-د راغب السرجانى   دولة المرابطين-د راغب السرجانى I_icon15الجمعة فبراير 22, 2013 8:23 am

جعل الله كل مجهودك الرائع
حجة لك لا عليك يوم القيامة

وفى ميزان حسناتك
سلمت يدك
كل الود والاحترام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دولة المرابطين-د راغب السرجانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اضغط فقط .. وسافر الى أي ّ دولة !!
» هل تتصورون أن هنـاك دولة في هذا العالم بدون أطفـال ؟!!!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ملتقى الاحبة في الله…ـ-*™£الادب العربي والقوافي £™*-ـ…_ :: ۞{ منتدى القصص والروايات الأدبية}۞-
انتقل الى: