في ضرب الزوجات

في ضرب الزوجات

أيها ألأحبة الفضلاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يملكني الغضب والآسي عندما أجد رجال الحديث النبوي ضعفاء الوعي بالقرآن يقرؤن علي الناس

الحديث غير شاعرين بقربه أو بعده من هذه الآيات القرآنية ــــــــ

في الجزء الثالث من تيسير الوصول إلي جامع الأصول ـ جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن

رسول الله صل الله عليه وسلم قال : لا يسأل الر جل فيم ضرب امرأته ؟ أخرجه أبو داود ــــــ

قال الشيخ محمد حامد ألفقي في تعليقه علي هذا الحديث : وأخرجه النسائي أي أن سنده قوى ¸وترك

المتن وكأنه لا غبار عليه ؛وهذا الظاهر باطل ، فالمتن المذكور مخالف لنصوص الكتاب ومخالف

لأحاديث أخرى كثيرة ــ

وعدوان الرجل علي المرأة كعدوان المرأة علي الر جل مرفوض عقلا ونقلا وعدلا ولا أدري كيف قيل

هذا الكلام ونسب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ــــــ

إن من قواعد الجزاء الأخروي قوله تعالي ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا

يره ) فهل الزوجة وحدها هي التي تخرج من هذه القاعدة فلا يسأل الرجل ( فيم ضربها ) وله أن يضربها

لأمر ما في نفسه ، أو لرغبة عارضة في الاعتداء ؟ ــــ

أين قوله تعالي ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) وقوله ( وأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن

بمعروف ، وأين قوله صلي الله عليه وسلم ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملون

منهن شيئا غير ذلك ) ـ

ما يقع هو النشوز ، ومعنى الكلمة الترفع والاستعلاء أى أن المرأة تستكبر علي الزوج وتستنكف من

طاعته ويدفعها هذا إلي كراهية الاتصال به في أمس وظائف الزوجية ــ فيبيت وهو عليها ساخط ؛ وقد

يدفعه هذا إلي ضربها ؛ ـــــــــــــــــ

وهناك أمر آخر أفحش أن تأذن في دخول بيته لغريب يكرهه مع ما في ذلك شبهات تزلزل العلاقة

الزوجية وتجعلها مضغة في الأفواه ـــ ولم أجد في أدلة الشرع ما يسيغ الضرب إلا هذا وذاك ـــــــــــ

ومع هذا فقد اتفقت كلمة المفسرين علي أن التأدب يكون بالسواك مثلا فلا يكون ضربا مبرحا ، ولا يكون

علي الوجه ففي الحديث ،، ولا تضرب الوجه ولا تقبح أي لا تقول لها قبحك الله )ـــ ثم قال تعالي في

الزوجات المستقرات المؤديات حق الله وحق الأسرة ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان

عليا كبيرا ) ــــــــــ

وختام الأية جدير بالتأمل ، فقد تضمن صفتين من صفات الله تعالى هما العلو والكبرياء ، وهما صفتان

تنافيان الإسفاف في التصرف والاستئساد علي الضعيف والمسلك البعيد عن الشرف ، وفي ذلك كله لفت

أنظار الرجال إلي أن تكون سيرتهم مع أهليهم رفيعة المستوى ، متسمة بالرفق والفضل ، وليس

يتصور مع هذا كله أن يعدو الرجل علي امرأته كما يشاء ، وأنه لا يسأل عن ذلك أمام الله ـــــ

ومن ثم فالحديث الذي رواه أبو داود والنسائي في ضرب النساء لا أصل له مهما تمحلوا في تأويله ــــ

علي أن من احترام الواقع إلا نظن النساء كلهن ملائكة والرجال جميعا شياطين ـــ هذا ضرب من

السخف ، والانحياز في الحكم إلي أحد الجانبين ليس من الإنصاف ــــ

والأولى أن ندرس العلاقات العائلية بتجرد وأن نحسب آثار الطباع والأزمات والأحداث الطارئة وألا

نترك لسبب تافه القضاء علي الحياة الزوجية ـــــ إن انهدام بيت شيء خطير ،

وقد رأى الإسلام ــ حتى بعد وقوع الطلاق ـــ أن يجعل كلا الزوجين يواجه الآخر ، لعل الذكريات الحلوة

تغلب الذكريات المرة أو لعل الإيلاف يطرد الفراق علي نحو ما قال أبو الطيب

خلقت ألوفا ،ن لو رجعت إلي الصبا *** لفارقت شيبي موجع القلب باكيا

ـ
ومن ثم وجب تدخل المجتمع لفض الاشتباك علي مهل وإعادة المياه إلي مجاريها

وأولى الناس بأداء هذه المهمة أقارب الزوجين فهما أرغب من في الصلح وأبصر بالمصلحة وأقدر علي

التنفيذ ، وهذا هو قوله تعالي ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ، إن

يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليا كبيرا) ــ

وقد روي الشافعي بسنده عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ) أنه جاءه رجل وامرأة ، مع كل واحد

منهما فئام من الناس ـ ( أي جماعات )

قال : قال ما شأن هذين ؟

قالوا : وقع بينهما شقاق ؛ قال علي فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ،

ثم قال للحكمين : تدريان ما عليكما ؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ؛ وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما ) ،

فقالت المرأة رضيت بكتاب الله بما علي وبما لي ؛ ــ

وقال الرجل : أما الفرقة فلا ،،، ؛ قال علي كذبت حتى تقر بمثل ما أقرت به

ومعنى اعتراض الزوج أنه لا يعطي للحكمين أنه لا يعطي للحكمين حق إيقاع الطلاق باسمه ،،

أي أن لهما الجمع لا التفريق ، ولكن عليا كذبه ؛ مبينا أن للحكمين أن للحكمين التوفيق أو التطليق أو

المخالعة وهذا هو كتاب الله ـــــــــــ

والفقهاء يختلفون في سلطة الحكمين ومداها ، ولا ندرس الموضوع هنا وإنما نشعر بالغرابة لأن

الرجل الذي استفحل الشقاق بينه وبين زوجته حتى بلغ ما بلغ لم يفرط في عقد الزوجية ، ورغب في

بقائه ؛ ـــــــ وشيء آخر نتوقف عنده ، أن المجتمع باسم الله تدخل لحسم النزاع واستدامة العلاقة

العائلية ؛ أما اليوم فقد تطلق المرأة في رطل لحم يعلق الرجل بقاء امرأته علي شرائه ــ

الحق أن قضايا المرأة تكتنفها أزمات عقلية وخلقية واجتماعية واقتصادية كما أن الأمر يحتاج إلي

مراجعة ذكية لنصوص وردت ، وفتاوى توارثت وعادات سيئة تترك طابعها علي أعمال الناس ـ لا بد

من دراسة متأنية لما نشوا منه ، ودراسة تفرق بين الوحي وما اندس فيه وبين ما يجب محوه أو إثباته

من أحوال الأمة

جزاك الله خيـر
وجعله في ميزان حسناتك
آنآر الله قلبك بالآيمآن وطآعة الرحمن