المختلفان
في الحب , في الزواج , في كل كل زاوية من الحياة هناك قلق الاختلاف .
والسؤال ؟ الذي يطرح نفسه هنا هو : هل يجب ان نتشابه في الاراء الشخصية وحتى في الشكل حتى نتوافق ؟
الاجابة هي طبعا لا والف لا .
من منطلق الافق الضيق ذاته , قد قد نسأل لماذا نريد احدا يشبهنا ؟
شخصا يتحدث مثلنا ؟ يحب الطعام والملابس والهويات نفسها الخ ..؟
يا الهي لو حصل ذلك , فالمسألة ليست فقط مللا , بل حالة رعب حقيقية . كأنك تعيش مع انسان نسخة , استنساخ .
ومن الذي يريد الاستنساخ والله خلقه منفردا ؟
كل انسان نسخة فريدة . كل انسان نسخة رائعة كما وهبها الله له .
المشكلة في الحب خاصة , تكمن في ان الانسان يعجب بإنسان مختلف عنه , ولكنه قد لا يهتم بهذه الاختلافات , لا بل انه لا يعتبرها مشكلة ابدا .
بل على العكس , يعتبرها نعمة . وكذلك الحال في الصدافة .
لكن بعد فترة , كثيرون منا يقفون فجأة ليقولوا : ان هذا الاختلاف مشكلة . وفي الحقيقة , ان مشكلة خلق " مشكلة الاختلاف " , والمطالبة برؤية متشابهة وحكاية ان المتضايق من الاختلاف يرى ان هذا الاختلاف مؤلم هي ازمة حقيقية . سنتحدث عن سذاجة الانسان وهذا الذي يسميه الالم .
ان الانسان لديه سذاجة غريبة في مسألة ما يراه الما .
ويتمثل الامر بخصوص " الم الاختلاف " نتيجة الاعتقاد انه ما دمت مختلفا عني , فأنت تسبب لي اهانة ووجعا وبأقل تقدير ازعاجا .
لطالما اراد أزواج وزوجات ان يجلسوا ليشرحوا حجم النتائج عن الفرق بطريقة غير عادية , وكأنهم فعليا يشعرون بالوجع , والسؤال : لماذا؟
لماذا يشعر انسان بجدية هذا الامر الى درجة الوجع ؟
الاجابة هي ان مخ الانسان يسير بنظام التعود .
والتعود حالة روتين مريحة تقلل عند الانسان الاستعداد والترقب والتحفز وهذه حالات مزعجة للانسان , وان كنا نظن ان الازعاج نفسي , فإن هناك امرا تحت مستوى الجانب النفسي . هناك امر فسيولوجي , حيث ان التحفز والترقب للمختلف او لاي امر لا يشابهنا , يرفع كيميائيات متعبة في جسم الانسان ومنها الـ " كورتيزون " و الـ " ادرينالين " ومع " هرمون القلق " الاول " ,
و " هرمون الحرب " الثاني , فإن الجسم يشعر بشد شديد جدا . يشعر بألم وبتوتر , وهذا يكون موجودا في العضلات وفي الرقبة والكتفين على وجه الخصوص . وهذا يولد جالة الم شديدة جسدية تطفح على النفسية من توتر وعدم تحمل وتشوش ذهني .
طيب نحن نفهم ترقب المختلف . ولكن السؤال : هل تحتمل العلاقة مسألة التوتر الحاصلة فعليا ؟ وهل هذا امر فعلي قهري ؟
الاجابة هي اني لا اظن ذلك . فأنا اظن ان اساس المسألة هو خدعة في المخ . فحين تعتقد ان الامر غير محتمل , وانه لا يمكن تحمل الاخر بتلقائية , فإن المخ حينها يعتبر الامر بمثابة عامل تهديد ويتفاعل معه كـ خطر .
والمسألة هنا لا تقف عند حد الاحساس , فكل خطر قد يخلق احساسا بالدائية . والهجوم يتطلب رد فعل وهجوما مضادا .
وبالتالي , هناك عقاب بصور عديدة , منها النقد , العزل النفسي , ابداء الرأي بأن الاخر هو مصدر الم لك .
وقد يبلغ الامر حد الالم والاعتماد والاعتقاد بوجود الراحة في الانفصال .
يوميا , وبدرجات مختلفة , ارى على مسرح الحياة امورا مثل هذه . واحاول ان اوضح لمن يشتكي ان الامر لا يتعدى اكثر من كونه خدعة مخ صدقها الانسان .
او رد فعل ( عدم قبول ) طوره داخله الى درجة تدمير علاقة كان من الممكن ان تكون اكثر من رائعة , وكل ما كان يتطلبه الامر هو قبول الاختلاف .
الرئيسية 
من طرف 
المزاج
موضوع: المختلفان 
