الرسالة الثانية
يا مسكين تدعي الايمان وانت لم يكتمل حتى اسلامك فايها يسبق في الترتيب الاسلام ام الايمان, وهل يدخل الناس الى الجامعة قبل المدرسة, فابقى في مدرستك حتى تكمل علمك وحينها تنال شرف الدراسة في الجامعة, فالايمان جامعة تجمع اركان الايمان كلها وانت ما زلت بعيدا عنها تشتكي الفقر والمرض لغير الذي ابتلاك, بل تشتكيه لهم فاي جامعة تقبلك لتعطيك شهادة الايمان, ومن هو شيخك ومعلمك ان كنت لا تعرف شيئا عن نبيك, بل ويذكرونه في حضورك ولا تصلي عليه صلوات ربي عليه, والله يقول: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلم تسليما) , اين قلبك الذي هو محل الايمان فكيف غاب عنك ذكره والصلاة عليه, وهذا يعطس امامك فلا تشمته فاي مسلم انت, وتدخل غافلا بيت الخلاء بيمينك وتاكل بشمالك ولا ترى طول اظافرك فماذا يعني لك الايمان وانت لم تاتي بالف الاسلام ولا بائها فاين انت من باقي حروفها.
لا شيخ لك ولا معلما فهل لك وردا يوميا وهل سمعت باذكار الصباح والمساء اما تعلم يا مسكين ان الله لا يعبئ بنا لولا دعائنا فماذ دعوت الله وهل توقفت عن الدعاء لانك استعجلته ولم يستجاب دعائك, وهل تعتقد ان ما قالوا لك انه دعاء مستجاب يصنع المعجزات وينزل البركات بعد ان تدع به, يا مسكين لو كان كذلك لدعوا به الاعداء وازداد به الاغنياء, الا انه لا يستجاب الا للصالحين العابدين الذي قدموا لهذا اليوم, فعبادة الله لا تبنى على الدعاء بل على ان يقوم المسلم المؤمن بواجباته فلا ياكل الا من الحلال, وهل سمعت بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص حين ساله يا رسول الله ادع لي ان اكون مستجاب الدعوة فقال له: يا سعد اطب مأكلك, فهل اطبت مأكلك وهل غاب عنك هذا الحديث لرسول الهدى عليه الصلاة والسلام: ان الرجل ماكله حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام ويرفع يديه الى السماء فانى يستجاب له, وتقول يا مسكين انك مسلم.
تقول انك مؤمن وانت اذا تكلم الجهلة الخائضون خضت معهم فافتيت بغير علم ان هذا حلالا وهذا حراما لتقول انك تعلم وانت لا تعلم انك تلقي الكلمات لا تبالي لها بالا فتكون قد وضعت قدميك في النار, فان كنا قد امرنا ان نمر باللغو كراما فكيف تهين نفسك لتجلس ولتخوض فيما ليس لك به علم, وما هذا الا لقلة فهمك وضعف اسلامك فلا تتكلم عن الايمان, ليس لك شيخا تقدتدي به ولا عالما تنتفع من علمه وتخدمه او تتابع وصاياه, ام انت من الذين يتكلمون في اهل العلم فيهيلون عليهم التهم وانهم يعسرون ولا ييسرون وتقول انها مثاليات لا تصلح لك ولجيلك, فان فعلت فقد انكرت نبيك عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام رضوان الله عليهم وممن تبعهم باحسان الى يوم الدين الذين نقلوا لنا العلوم والا فكيف وصلت الينا.
يا مسكين لا انت من اهل الدنيا ولا من اهل الاخرة حيران بين اصحابك اصحاب الدنيا وبين اهل الحق الذين اوصانا ربنا فيهم فقال: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطلع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا- 28 الكهف), نعم انهم امرهم فرطا لانهم اتبعوا هواهم فاغفل الله قلوبهم عن ذكره, ومن اغفل الله قلبوهم عن ذكره فلقد اعد لهم نارا احاط بهم سرادقها وان استغاثوا اغيثوا بماء يشوي الوجوه بئس الشراب وسائت مرتفقا, فاي رفقة واي خلان اخترت لاخرتك الا تعلم ان المرء يحشر على دين خليله, فعليك ان تختار بين الكفر والايمان وذاك قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وهذا دليل انه لا اختيار ولا يمكن الجمع بينها فاما ايمانا صادقا, واما كفرا بواحا ومن تركها معلقة فانما يمكر بنفسه ولا يظلم ربك احدا, وتقول يا مسكين انك تعرف الايمان وقد اسلمت ولست بحاجة لاحد ان يعلمك فاعرض نفسك على هذه الايات وصنف نفسك من اي حزب انت من بينها, واعرضها على كتاب ربك الذي خلقك فسواك فعدلك واقراء الجواب بنفسك قبل ان تتكبر على العلم والعلماء, واعترف ان دينك هش وبه خلط فلا تشتكي الابتلاء وانت ما زلت تدرس في الصفوف الاولى وتعاود كل صف سنوات ولم تنهي دراستك بعد فلا تقل انك دخلت الجامعة لان الجامعة ليس فيها مقاعد فارغة لفقراء العلم, وبابها مكتوب عليه ممنوع دخول الجهلاء, وتقول انك مؤمن.
اقبل على الله بقلبك وحاول ان تقدره شئ من قدره لاننا ما قدرنا الله حق قدره ولا عبدناه حق عبادته ولولا رحمته لكانت اعمالنا كسراب بقيعة يحسبه الضمئان ماءا, فشمر للعمل والحق ما فاتك من عمرك الذي ستسال عنه فيما قضيته وعن بدنك فيما اعملته, افي طاعة الله ام في معصيته, وما زلت تبكي على الدنيا الفانية وعلى متاعها الزائل, فماذا افرق اكل الامس عن اليوم اما علمت ان الطعام هو لاعانه البدن على طاعة الله وليس للسمنه والتخمة, اسال نفسك كم يزيد وزنك عن حقك واعلم ان ما زاد في وزنك كان طعام غيرك فاين تذهب به وكيف ستقابل به ربك وانت بهذه الدهون, وانظر الى من برزت عظامهم من الجوع والفقر واعلم ان ما زاد في وزنك كان اولى ان تنقذ به حياتهم فهم مخلوقات الله, فلا عجب ان اكلت بدون اسم الله وهل تعرف ماذا تعني ان تسم الله وتاكل بيمينك وتاكل مما يليك واذا فرغت قلت الحمدلله الذي اطعمني اياه من غير لا حول مني ولا قوة, وهل تعلم انه ما اكل بدون اسم الله كان ميتة كما الذبيحة تذبح على غير اسم الله فلا تقول انك نسيت فالذي يعلم فضل ربه عليه يذكره عند اكرامه بهذه النعمة التي حرم منها الكثير, وتقول انك مؤمن مسلم فكيف تاكل بدون ذكر اسم الله, فمن ذكر شكر وحمد ربه على هذه النعمة, تاكل من امام الناس وتقول انك مسلم وتاكل بشمالك فهل تعلم ان الشيطان ياكل بشماله, يا مسكين وتقول انك مسلم, فاي مسلم ينسى شكر الله على النعمة ولا يتخلص من حوله الى حول الله ومن ضعفة الى قوة الله فلا يمدح نفسه ولا يذكر ما اطعم وما قدم بل ينسب الفضل فيها الى ربه, ام انك من اهل ولائم الشر وضيوفك هم الاغنياء فاذا بهم شرا عليك, اما علمت يا مسكين ان خير الولائم ما دعي لها الفقراء وشر الولائم ما دعي لها الاغنياء فهل تريد رزق الله لتزيد به سمنة الاغنياء, وتترك احباب الله الفقراء يتضورون جوعا لانهم لا ينفعونك في الدنيا وينزلون من مستواك الاجتماعي, وتقول انك مؤمن فاي مؤمن لا يدخل بيته الا الاغنياء.
وتقول انك مسلم فاي حكمة تعلمت من رمضان ونحن نتساوى في الجوع فقراء واغنياء فلا تشفع للاغنياء اموالهم فكان الصيام خير وسيلة ليجربوا الجوع فيفهموا حال الفقراء ويخرجوا زكاتهم, ويصوموا ويرحموا ابدانهم والسنتهم.
فهل اتعبك الحديث عن الفقراء وموائدهم المباركة وحقهم المعلوم في مال الاغنياء فلا عجب ان افقرتك موائد الاغنياء وافتخارك بمن حضرها فهل نفعوك يا مسكين بعد خسرانك لمالك, فهل تظنهم يذكرونك او يعينونك وانت اليوم ليس من ثوبهم, اما علمت انهم يجتمعون اليوم في بيت مسكين مثلك وغدا يتركونه عظما فيصير من ثوبك, هذا حال اهل الدنيا يا من تدعي الايمان ولا تعلم ان البشر ان خرجوا عن قانون ربهم وضعوا قانونهم وصنفوا انفسهم بناءا على ارقام حساباتهم وجاههم وشهادتهم, ولا يعلمون ان اكرم الناس عند الله اتقاهم فهل من يبذر ما رزقه الله على الاغنياء تقي, بل هو شقي من اسرف رزق الله وقال مالي وهو ليس له من ماله الا ما انفقه في سبيل الله, وان سالت الله ان يرزقك فاساله ان يعطيك معه القدرة على الانفاق في سبيله, واساله ان لا تنفقه على ما يغضبه من المحرمات, فكم هم الذين كرماء في الحرام وبخلاء في الحلال بل تجد ان احدهم عنده القدرة ان ينفق في ليلة واحدة ما يطعم مئة عائلة فقيرة ولا يقوى على ان يعطي درهما واحدا لفقير, فهل تريد ان تكون منهم يا مسكين.
لقد عرفت يوما قوما همهم العثور على الكنز, افنوا عمرا في البحث عنه وكل له خرائطه وادواته ويتداولون بينهم حكايات الكنوز ومن وجدها وكيف تغيرت احوالهم, بل يدعون ان لكل كنز حراس وهم يتفاخرون انهم يعرفون اسمائهم وكيف يصرفونهم, وكانوا يدعوني لاشاركهم البحث علي انال نصيبا من كنوزهم, وكنت اقول يا ليت قومي يعلمون اين هو الكنز, لقد مر عمرا وهم يبحثون عنه وكنت قد رحلت الى المهجر لاسعى وعدت اليهم فوجدتهم كما تركتهم ما زالوا يبحثون, فقلت انهم يبحثون عن كنز الفقر الذي يسرق العمر بحثا عن متاع الدنيا الزائل, وتركوا اكبر الكنوز التي تغني في الدنيا والاخرة كتاب الله كنز الكنوز الذي هجروه اقواما فهجرهم الله وهجرهم معه الخير فما نالوا الا ما اكلوا وشربوا وحلموا, احلام مشروعة لاهل الفقر فالبيوت التي لا يتلى فيها القرآن بيوت فقيرة حتى لو كانت جدرانها من ذهب وفضة, يا مسكين وتقول انك مؤمن فهل انت منهم تبحث عن الكنز في المخلفات وتبكي على الدنيا الفانية التي ستهلكك كما اهكلت امم من قبلك عاشوا ايامهم فرحا ولهوا بما نالوا منها من النفايات الفانية, اقراء تاريخ الجبابرة والملوك الذين اهلكهم الله فالقرآن خير شاهدا على نهايتهم.
يا ربي ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.
فاين انت من كنز المثاني السبع والكرسي والبقرة ويس وباقي مجوهرات الكنز العظيمة, اين انت منه يوم نزل الي السماء الدنيا من اللوح المحفوظ, اين انت من الليلة المباركة التي انزل فيها ليلة القدر فكانت عبادتها خير من الف شهر, (انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منزلين), واستمع يا مسكين مع اول من استمع للقرآن حين انزل على الارض فاشرقت بنور ربها فكانوا الجن من اول المستمعين لهذا الكنز العظيم الذي انزل الى الارض لينقذ اهلها من الجهل والضلال ويعطيهم مفاتيح الخير والرحمة والنعيم الدائم فكان سببا لهم في الدنيا لينعموا بنعيم الله ويدخلون في ولايته وحمايته, فكان لهم خير معيل وشفاء لما في الصدور.
قل اوحي الى انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا
اما زلت تبحث عن الكنز يا مسكين بين النفايات فاين انت يوم يرفع القرآن من الارض فلا يبقى حينها الا الفقر والجهل والضلال فتكون الساعة على ابوابها وقد اكتملت اشراطها, فاقراء بقلبك وتدبر قوله افلا يتدبرون القرآن
ولا تهجر هذا الكنز العظيم فيهجرك الخير, واجعل لنفسك نصيبا منه في كل يوم وليلة فذاك ما غنمت وادخرت لنفسك افلا تعلم انه ياتي يوم القيام شفيعا لاصحابه فهل انت من اصحابه الذين سيقال لهم اقراء وارتقي.
اسال نفسك يا مسكين كم في قلبك منه وكم تعلم من احكامه ام انت ممن لا يملؤن قلوبهم الا من علم الدنيا الزائل ومن النكات الغبية التي يتداولها الجهلاء فلا يضحكون الا على الفقراء والاغبياء امثالهم.
اذا احببت شاعرا حفظت اشعاره, وان كنت من اهل المعازف والطرب حفظت الحانهم فكنت منهم وليس من اهل القرآن, فاؤلائك هم من تغنوا بالقرآن, الا تعلم يا مسكين ان هناك حديث للحبيب عليه الصلاة والسلام يقول: ليس منا من لم يتغنى بالقرآن, وانت تدندن وتغني لشيطانك لتطربه كلمات البشر فماذا لومت وكان اخر كلامك ما كان على لسانك يا مسكين الا تعلم قوله من كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة, وتقول انك مؤمن فمن اولى بان نتغنى بكلامه رب الشعراء ام الشعراء المخلوقين والذين يقولون ما لا يفعلون وفي كل وادي يهيمون.
وتقول يا مسكين انك تحب الله حقا وانت تردد الحان الشياطين وكلام الشعراء على حساب كلامه, اما علمت قول الله ان الله لا يحب الا من اتبع نبيه وذاك قوله: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ورسوله), فليس المسالة ان تحب الله بل ان يحبك الله ورسوله فماذا فعلت لنفسك ليحبوك هل انت اتبعت نبيك.
الا تعلم ان القرآن نور, وتنور به القبور وتكسب به الاجور فيكون لهم يوم القيام نورا فهو القائل( نورهم يسعى بين ايديهم) فيا حسن حظهم من جاؤا امام الخلائق ونورهم يسعى بين ايديهم يوم يكون ظلاما دامسا على اهل المعصية, ويا حسرة على من حرم هذا النور وهو ما زال على قيد الحياة وذاك قوله (ولا يستوى الاحياء ولا الاموات) فاحيا بنور ربك واغتنم ما فاتك قبل ان تكون مع الاموات ويغلق كتابك وتندم على فقر افعالك.
فاقراء كتابك وانظر الى فقر اعمالك قبل ان تسال ربك بجهلك لماذا لا تعطيني, فهو الذي يسال ولا يسال واساله بقوله واما السائل فلا تنهر لعله يرحم ضعفك ان وقفت عند بابه مع المتسولين المتذللين الذين خلعوا ثوب الكبر ووقفوا هناك على باب ملك الملوك يدعونه لعلمهم انه لا يرزق غيره ولا يعز ولا يذل غيره, واحسن سؤالك ولا تكن الدنيا اكبر همك بل اساله العفو والعافية والمغفرة, اساله الاخرة قبل الدنيا وان يجعل قلبك معلق بالاخرة واساله الجنة وما قرب اليها من قول وعمل واستعذ به من النار وما قرب اليها من قول وعمل, وارتقي في سؤالك واقدم بلباس الذل فهو عز لك ان تكون قد ادركت ان الله ينظر الى قلبك قبل عملك وسؤالك, فان وجد في نفسك شئ من الكبر اعطاك لانه كره سماع صوتك, وان منعك فاعلم لانه احب ان يسمع صوتك وارادك ان تكون مع الجموع الباكين المتذليين القائمين ليلهم راجين رحمة ربهم, لا يرفعون رؤوسهم وعيونهم ساجدين لعظمته فقد حضرت قلوبك وخشعت نفوسهم ونالوا ما لم يناله الصابرين, فقد عرف كل منهم مكانه من باب الرحمن ويعلمون في كل ليلة ان مكانهم ينتظرهم وملا ئكة الله يذكرونهم فطوبا لهم ما نالوا من كرم الكريم فاين انت يا مسكين منهم.
تقول انك مؤمن وانت تعمل عمل اهل الكتاب الذين منهم من ان تامنه بقنطار لا يؤده اليك الا ما زلت عليه قائما, فهل هذا رد المعروف لمن فرج كربتك وقضى حاجتك في ان يسترد حقه بالتقسيط المذل او بالمحاكم, الا تعلم انك ان فعلت قتلت المعروف في الارض فانمنع بين الناس الاجر واهملت حوائج الناس, الا تعلم ان لله اناس اختارهم لقضاء حوائج الناس وانت تبحث عنهم لتقتل الخير فيهم, فهل هذا جزاء الاحسان وهل هذا الذي تفعله من صفات المؤمنين الذين هم لاماناتهم ولعهدهم راعون, تخون الامانة وتنقض العهد وتقول انك مؤمن فهل هذا ردك لربك ان يسر لك عبد من عباده ليقضي حاجتك بعد بكائك وضيق حالك واليوم تبكي على بابه بواسع سؤالك ولا تنظر لسواد كتابك وقبح اعمالك, يا مسكين انهم يقولون عنك في السماء انك ليس لك عهدا وما عهدوا منك الا كثر سؤالك وتظلمك بان السماء لا تستجيب دعائك.
رد الحقوق لاصحابها واكرمهم مثل ما اكرمك الخالق واعط الاجير اجره قبل ان يجف عرقه وليس دمعه ودمه ويموت احد ابنائه فويل لك ان ظلمت اجيرك, فما جزائك الا ان تصبح اجيرا عند ظالم مثلك فيفعل بك مثل ما فعلت باجيرك لتعلم ان الظالمين يسلطون على بعض, فاحرص ان لا تكون منهم فتغم ولا ينفع يومها اعتذارك, فبادر بالخير واقبل عليه كيوم اقبلت عليك السماء فاعطتك فسخرت لك اهل الخير والمعروف لتعلم قدرهم وتحيي عملهم وتكون منهم فلا تنكل بهم فيندمون على حسن اعمالهم.
يا مسكين تشتكي الفقر وتقول انك مسلم, فاي مسلم يجلس ملعونا ويبات ملعونا ودمه مغرق بأم الخبائث اربعين فوق اربعين يوم وليلة ولم ينظف دمك منها وانت كالمهرج لا رادع لك فان عرضوا عليك كاسا منها حسبته هينا وهو عند الله عظيم, فكيف قدرت المخلوق على الخالق لتجامل اهل المنكر ويقولوا انك صديق جميل, فاي صديق ينام اربعين يوما وليلة ولا تقبل له صلاة وقد لا تقبل ابدا فكم مرة كررت خبيث صنعتك وشربتها حتى الثمالة فاصبحت مهرجا تضحك على نفسك ويضحك عليك غيرك وتمدح كبيرهم الذي علمهم السكر فاين انت من قوله: (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد), اما علمت يا مسكين انك لو مت سكران فستجتمع عليك سكرات الموت وسكرات الدنيا الحمراء التي سكرتها من اجل ان يقضوا لك حاجتك, وتاتي اليوم بعريض دعائك وتقول ما للسماء لم تستجب دعائك ولم تعبئ بطول انتظارك.
وتقول يا مسكين انك مسلم وما سلموا اهلك ولا حتى جيرانك من لسانك, فاي مسلم انت لا يعبئ برقيب ولا بعتيد فاصبح لسانه كسيف من حديد ويغمسه كل صباح ومساء في الصديد, صديد اهل النار فما بعده من صديد, فامسك عليك لسانك فان صنته صانك فكلك عورات وللناس السن فاستر ما ستر الله عليك وان فضحك فذاك لطول لسانك, وتقول انك مؤمن فهل امن الجار بوائقك وشهدوا اهل الحي على طيب افعالك, وهل شهدوا لك بحسن اسلامك واعتيادك المساجد وحسن سلامك, واجمع ما لك وما عليك قبل ان يجمعوها لك وان كانت مثقال حبة من خردل اتى بها اللطيف الخبير, وعش كأن اربعينك قد اوشكت وانهم قد جهزوا مرقدك, واتعض بما جائك في هذه الرسالة رسالة الابتلاء فان اخذت بها جائك بامر الله الفرج وان لم تتعض فما وصلتك رسالتكك.
[/b][b]