خطوات في اثر الغريب
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبيّ فقال : ( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو عابر سبيل ) .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك " . رواه البخاري .
تعبت أقدامي من المسير في اقتفاء اثر الغريب, فكما قال عليه الصلاة والسلام ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ), وهم الذين قال فيهم عليه الصلاة والسلام أيضا اشتقت لإخواني, فان وفقك الله أخي العزيز ووجدت آثارهم فاتبعها لعلك تجد احد من هؤلاء الغرباء الذين غدوا قلة قليلة في هذا الزمان, ويمكن أن نسميهم بالنسخة الأخيرة, فيا لحظ من التقى بأحدهم وكان في خدمته, فكم هو الشوق لالتقاء بأحد من إخوان محمد عليه الصلاة والسلام.
من هنا نبدأ فشاركنا الرحلة في البحث عن الغريب لنتعرف على فكره وهمه ونتعرف معه على علم الغرباء القابضين على دينهم
كالقابض على الجمر.
إذا أردت أن تعرف الله فابحث عنه في نفسك, في قلبك, في عقلك, فبقدر معرفتك لنفسك تكون تعرف الله, وكلما شعرت بالرضي الحقيقي عن نفسك من خلال أخلاقك ودينك وعلمك وعملك كلما شعرت بقرب الله منك.
فابحث في نفسك عن الله فان كنت تعرف نفسك جيدا فستعرف الله.
اسأل نفسك ما لذي تبحث عنه في الحياة وما هي أهدافك وقارنها بمهمتك كانسان, إنسان وجد وخلق لأعمار الأرض والعمل لدار القرار, اسأل نفسك ماذا قدمت للحياة قبل أن تسال ما لذي استفدت من الحياة.
اسأل نفسك كم هم الذي يحتاجونك وليس كم هم الذين تحتاجهم, وان كانت لك حاجه فطلبها ولكن من ربك, فالناس كلهم حاجات ولا يستطيعون أن يقضون لك حاجة إلا ما أذن ربك.
اسأل نفسك كم هم الذين يحبونك ويحبون التعامل معك وأسال أيضا كم هم الذين يكرهونك ويكرهون التعامل معك وحاول أن تساعدهم لكي يحبونك.
واعلم رحمك الله إن من لم يرزقه الله الشكر مع النعمة فهذا يعني أنها نقمة وليس نعمة!!
وان المصيبة الحقيقية هي أن يبتلى الإنسان في دينه فكل مصيبة من دون الدين تهون!
واعلم أيضا انه ليس من العار أن تعيش فقيرا ولا تملك مالا حلالا, بل أن تكون غنيا من مال حرام, فالغنى الحقيقي لا يعني كم تملك من المال, والفقير الحقيقي هو من ظن نفسه غنيا من مال اكتسبه من الحرام.
إقراء كتابك
كل إنسان كتاب, يفتح بولادة الإنسان وتسميته وبلوغه, والناس كتب مختلفة فمنها المغلق ومنها الثري ومنها الفقير ومن كل الأصناف هناك كتب, ومنها مالا يحمل إلا أوراق فارغة أو قصص وهمية غريبة عن أصاحبها, ومنها كتب بقيت أسماء أصحابها حتى من بعد رحيلهم عن هذه الدنيا.
وأنت ما هو اسم كتابك لو أردت أن تضع له عنوان, أو نبذه بسيطة تختصر فيها ملخص حياتك أو محتويات كتابك؟
واعلم إن الأيام كالصفحات البيضاء تولد نظيفة وبريئة وأصحابها هم الذين يكتبون سطورها فماذا ستكتب في صفحة يومك هذا وأنت تعلم أنها قد تكون أخر صفحات كتابك الذي سيطوى من بعدك؟ فالصفحات أيام وأرقام فهل تدري ما هو رقم هذا اليوم في كتابك؟ ولكل كتاب نهاية ولكل قصة خاتمة فما هي الخاتمة التي تظن إنها ستكون خاتمة كتابك؟
وكما إن الأعمال بخواتيمها, والخواتيم مجهولة الآجال لأصحابها ومعلومة لخالقها, والأعمال بنياتها, ولا نوايا بلا أعمال
ولا بأماني بل كما قال ربنا وخالقنا سبحانه وتعالى(علمت نفس ما قدمت واخرت) الانفطار(5).
وان أكرمك الله بأحد ليكتب في كتابك بعض سطور خير أو ربما صفحات طيبة فلا تنسى شكره فكما قال الحبيب عليه الصلاة والسلام (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) رواه احمد, فكم صاحب معروف لم يصله شكرنا وضاع معه شكرنا الله, فاجعل صفحاتك مليئة بالشكر لله ثم لمن أرسله الله ليقضى حاجتك أو يعلمك, فلله عباد اصطفاهم لفعل الخيرات وقضاء الحاجات, وأكثر من شكر ربك لعله يكرمك فتكون ممن اختارهم واصطفاهم لقضاء حوائج الناس!!
ذكريات
لكي تتخلص من الحزن عليك أن تتخلص من الذكريات, فماذا ينفع تخزينها وتصفحها غير أنها تسبب الحزن والالم.
الزمان لا يعود إلى الوراء والذكريات الجميلة لا تتكرر فلماذا ينغص الإنسان على نفسه ولا يستسلم لواقعه وقدره ويغتنم يومه وينظر إلى الغد ويمارس الحياة,
الذكريات توقف الإنسان عن التقدم وتجعله مقيد في الماضي والماضي لا يعود.
الذكريات الحقيقية والباقية هي ذكريات الآخرة فاعمل لها قبل أن تكون ذكريات الدنيا سبب لشقائك ودخولك النار.
اسأل نفسك....
هل من الشكر لله على نعمة السيارة أن تلقي بقشور الفواكه والفضلات على المارة؟
هل من الشكر لله على نعمة المال أن لا تعطي الفقير بعض الفتات حتى يقول لك نكتة مضحكة؟
هل من الشكر لله على نعمة الطعام أن تسرف فيه وتلقي الفائض منها في القمامة ولا تطعم الفقير المحتاج؟
هل من الشكر لله على نعمة الصحة أن تضرب من هو اضعف منك لتستعرض قوتك وتصبح جبان أمام من هو أقوى منك؟
هل من الشكر لله على نعمة الإسلام أن تقطع فمك بعريض الابتسامة للغني وصاحب الجاه وتعبس في وجه الفقير والإنسان البسيط؟
هل من الشكر لله على نعمة العمل أن تقدم أقاربك وأصحابك وتنهي معاملتهم بسرعة وتبقي صاحب الحق ينتظر وتقول له عد غدا أو حتى يعطيك رشوة لتنهي معاملته؟
هل من الشكر لله على نعمة الزوجة أن تخونها وتقع في الزنا؟
هل من الشكر لله على نعمة الأولاد أن تفرق بينهم أو تلعنهم أو تحسسهم بأنهم عالة عليك؟
هل من الشكر لله على نعمة النطق واللسان أن تعملها باللعن والطعن ولا تعملها في ذكر الله؟
هل من الشكر لله على نعمة النظر أن تعمله في النظر للمحرمات ولا تغض البصر طاعة لله وشكرا؟
ذكور
إذا رأيت الرجل يستمتع في الأكل لوحده فابتعد عنه وعن صحبته فهذا همه نفسه!
إذا رأيت الرجل يتكلم عن نفسه كثيرا فدعك منه لأنه لا يرى سوى نفسه ولا يسمع إلا صوته!
إذا رأيت الرجل لا يخاف الله في أعماله فخاف منه وابتعد عنه!
إذا رأيت الرجل يطلب الكثير ولا يرده فاعلم انه مادي وعلاقته من اجل مصالح ومنافع!
إذا رأيت الرجل لا يحترم والديه أو أهله أو من هم اكبر منه فهذا لا يستحق الاحترام!
إذا رأيت الرجل يقبل على الحرام كما يقبل الضبع على الميتة فدعه قبل أن تصبح مثله!
إذا رأيت الرجل لا يقبل التذكير ولا يسمع النصيحة فابتعد عنه والله الغني عن صحبة أمثاله!
الندم والحزن لا ينجمان إلا عن خطيئة وذنب ارتكبه الإنسان ولا يمكن أن يشعر بها إنسان عمل عملا حلالا صالحا, أنهما العقاب المباشر الذي يتعرض له الإنسان بعد القيام بخطيئة وهما الإثبات بان ما قام به الإنسان هو عمل غير صالح ومحرم, لان فطرة الإنسان التي فطر الله سبحانه وتعالى عليها البشر هي عمل الخير وشعور النفس بالرضي على هذا العمل وكره الشر الذي هو العمل الحرام الذي يخالف فطرة الإنسان فلا يمكن للإنسان أن يشعر بالحزن لو عمل هذا العمل بما يرضي ربه ويتناسب مع فطرته!!
أنهما الشعور بالفشل لعدم قدرة الإنسان عن الامتناع عن الوقوع في الخطيئة!!
أنهما الإحساس بالضعف وغياب العقل وضعف الإيمان ولهذا يقع الإنسان في الخطيئة تحت تأثيرها وإغراءات النفس التي تفوقت على إيمانه الضعيف ولم تجدي مقاومته شيء.
من ظن أن الفقر أو المرض أو الدماثة هي إهانة وكره وإذلال فهو جاهل, ومن ظن أن الغنى أو الصحة أو الجمال هي تكريم ومحبة فهو اجهل ولا اظنه يعرف الله حق معرفته بل لا يعرف ما معنى الابتلاء.