لم تعد الأساليب التقليدية في التدريس تلبي طموح الطلبة، فهي
تعتمد أسلوب التلقين، ويعتبر دور الطالب فيها هامشيا، فهو يتلقى المعلومة،
دون أن يتفاعل معها أو يحاول ربطها بالحياة العملية التي يعيشها يوميا،
ولهذا فقد جاءت طريقة "التعلم بالحياة" لتكون "أسلوبا علميا اجتماعيا
تحليليا ووصفيا لربط المنهج المتعلَم بحياة الطالب اليومية والاجتماعية،
وأن يعكس هذا المنهج تطلعات الطلبة وآمالهم ويواكب التطورات العلمية"،
ولذلك يتوخى "التعلم بالحياة" أن يدخل الطالب في عملية تعلم وتدريب حياتية
مستمرة، يمكن توجيهها من أجل تعلم أفضل.
ويندرج مفهوم "التعلم بالحياة" في نمط التعليم المتمركز حول الطالب، حيث يقوم الطلبة بالتعلم من خلال الأنشطة والتجريب والبحث والاستقصاء،
ويتيح إمكانية التعلم الذاتي والعمل ضمن فريق لتحقيق الأهداف المرجوة،
ويرسخ هذا المفهوم إستراتيجية التعلم مدى الحياة، وتجب ملاحظة
أن هذه الإستراتيجية تقوم على أن البيئة هي منشأ التعلم، فقد كانت هذه
البيئة منشأ الطفل ومنها جاء إلى المدرسة، فمن واجب المدرسة أن تفيد من هذا
الوسط وتفعله جيدا، فيتابع الطفل تعلمه رابطا بين المدرسة والبيئة ليتفاعلا معا؛ الحياة والمدرسة من أجل خلق جيل مفكر وعامل.
ولعل من أكثر النتاجات المتوقعة من "التعلم بالحياة" هو إكساب
المتعلم معلومات خارج النطاق التقليدي في التعليم وذلك عن طرق التعلم
بالعمل واعتماد أسلوب التعلم الذاتي، الذي يجعل الطالب منفتحا على عالمه
الخارجي والذي يستمد حركته وديناميكيته ووجهته الارتقائية من الانبعاث الذاتي انتهاجا لأسلوب حياة فعال، يقوم على توظيف طائفة من الاتجاهات
والخصال والمهارات التي تمكنه من إدارة الذات صوب تحقيق غاياته في بناء
شخصيته المستقلة، كاشفة عن بعض الجوانب القيادية في نفس المتعلم، وتساعده
على تنمية قدراته العقلية في غير اتجاه، وتمنحه فرصة التطور في تعامله مع
الأشياء بمنطقه هو، لأنه هو من سيتعامل مع محيطه، ويختبر كل ما حوله ليشكل
عنه فكرة تدفعه إلى الخطوات اللاحقة، ولذا من الضروري أن يتم مراعاة منطق الطلبة في حكمهم على الأشياء وأن لا نخضعهم إلى منطق الكبار، ونترك عقولهم تتفاعل وتكبر وتتطور بعيدا عن التلقين القاتل الذي سيؤدي بهم إلى مهالك التحجر.
وتعد طريقة "التعلم بالحياة" مجالا محفزا لمهارات التفكير العلمي، ففي هذا الأسلوب التعليمي الأدائي الحياتي تظهر الملاحظة والتصنيف والاستنتاج والتنبؤ والقياس والاتصال والنقل، واستخدام العلاقات
المكانية- الزمانية، وصياغة الفرضيات والتجريب، وتفسير البيانات، ومن ثم
بناء النماذج أو التوصل إلى القاعدة بشكل بنائي مدروس، وعليه فإن طريقة
"التعلم بالحياة" تسعى إلى أن يكون التعليم إبداعيا، يستغل فيه المعلمون
والمتعلمون كل الإمكانيات البيئية والحياتية، لتندمج تلك العناصر بشكل سلس
في عملية التعلم، فيشعر المتعلم بلذة وهو يتعلم.
أمثلة على التعلم بالحياة:
يعتبر هذا الأسلوب أسلوبا قديما في حياة الإنسان، فالإنسان الذي جاء إلى
هذه الحياة لا يعلم
شيئا عنها، أخذ يتعلم منها وبها، فقد جاء في القرآن الكريم ما يشير إلى
هذا الأسلوب عندما دعا البشرية إلى أن تتأمل في هذا الكون الفسيح،
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت، وإلى الجبال كيف نصبت، وإلى الأرض كيف سطحت، وقد انتهج الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب في مرات عديدة، نذكر منها تعليمه أصحابه الصلاة، والحج، وقد أفاد الفلاسفة
كثيرا من هذا الأسلوب، فبنوا أعمالهم عليه، وأذكر مثالين، الأول قصة حي بن
يقظان التي كتبها الفيلسوف الأندلسي محمد بن طفيل، والثاني رواية "عالم
صوفي" للفيلسوف النرويجي (غوستيان غاردر)، حيث علّم صوفي الشخصية الرئيسية
في القصة دروسا في الفلسفة بطريقة "التعلم بالحياة"، وأدخلها في تجارب
حياتية كثيرة، مما جعل بعض النقاد يصف هذه الرواية بأنها رواية تعليمية،
ولعل حادثة إسحق نيوتن واكتشافه للجاذبية وحادثة فيثاغورس ونظريته في
المثلث تقومان دليلا على انتهاج هذا الأسلوب عند المفكرين والعلماء، وهو أسلوب ضروري لإخراج هذه النخبة، فالتلقين لا يصنع علماء، ولا يهيئ قادة.
وهناك أساليب تساعد الطالب على تعلم أفضل، وتندرج تحت عنوان "التعلم بالحياة"، ومنها الرحلات العلمية الهادفة، سواء في ذلك مبحث الاجتماعيات، أو مبحث الرياضيات، أو العلوم، وحتى اللغة العربية، والتربية الإسلامية، ويمكن أن يكون من هذا الباب زيارة الشخصيات التي يتحدث عنها المنهاج، وإجراء مقابلة مع تلك الشخصيات.
وتتوخى طريقة "التعلم بالحياة" بوصفه مرحلة تعليمية الوصول إلى تحقيق الأهداف التعليمية بوسائل وأساليب متعددة، وأهمها وأعلاها رتبة طريقة الاكتشاف الابتكاري، حيث تتيح هذه الطريقة للمتعلمين التفكير المستقل والحصول على المعرفة بأنفسهم من خلال تنظيم مواقف تعليمية، وتهيئة ظروف معينة لممارسة عملية التعلم بدافع شخصي ذاتي رغبة في التعلم والاكتشاف.
وتتوسل طريقة "التعلم بالحياة" بنظرية التعلم الاجتماعي،
حيث تتعدد جوانب التفاعل المختلفة بين أفراد المجموعة الباحثة في الحياة
عن أمر معين أو إثبات نظرية معينة أو اكتشاف قانون علمي ما.
مما سبق يظهر أن التعلم بالحياة يعتمد على:
التعلم الذاتي، واعتماد المعلم على نفسه، وينحصر دور المعلم في التوجيه والإرشاد والمتابعة.
جعل البيئة المحيطة بالطالب منطلقا للتعلم.
ربط المحتوى التعليمي والخبرات العلمية بالحياة، لتكون الحياة التي يحياها الطالب مجالا للتطبيق واختبار المعلومات والتأكد من صحتها عن طريق التجريب والتوصل إلى نتائج أكثر إقناعا من كونها مصفوفات لغوية وقواعدية مجردة.
مهارات تفكير عليا، ومهارات أدائية نابعة من تصور علمي صحيح.
ويعد "التعلم بالحياة" تعليما إبداعيا؛ لما يحققه من ميزات غير متوفرة في التعليم التقليدي، فهذا النوع من التعلم يتيح للطلبة:
تطوير المادة العلمية، وتقديم بدائل متعددة.
التفكير الحر.
التدريب على إنتاج المعرفة.
التنبؤ بالمستقبل ووضع تصورات.
الكشف عن القدرات الكامنة في شخصية الطالب، وخاصة أنواع الذكاء الموجودة لديه.
أثر أسلوب التعلم بالحياة في عملية التعلم والتعليم:
لا شك في أن انتهاج طريقة "التعلم بالحياة" يؤدي إلى كثير من
النتائج، التي لها بعيد الأثر في عمليتي التعلم والتعليم، وهي بطبيعة الحال
كثيرة، قد يصعب إحصاؤها، ولكن يمكن الإشارة إلى أبرزها:
1. يمارس الطالب دورا فاعلا في عملية التعلم والتعليم.
2. تنمي عند الطالب مهارات التفكير الناقد والتحليلي، وتفسير الظواهر بدلا من وصفها.
3. يمنح المتعلم القدرة على التكيف وتحمل المسؤولية.
4. القدرة على اتخاذ القرارات والتوصل إلى نتائج غير متوقعة، والقدرة على الدفاع عن تلك النتائج وإبرازها مجادلا ومواجها.
5. يختبر الطالب بنفسه كثيرا من الأدوات اللازمة للتعلم، ويُمنح فرصة صقل مهاراته الفنية والعملية.
6. صقل مهارات التواصل والاتصال مع الآخرين على اعتبار أنه لا يعيش وحيدا، ويتعلم مع الآخرين ومنهم، ويساهم في تعلمهم كذلك، على قاعدة "إذا أردت أن تتعلم شيئا فعلمه".
7. يمنح الطالب القدرة على تحديد المشكلة وصياغتها وفهم مراميها وحلها.
8. تكسب الطالب فرصة النقد الذاتي والتوجيه النابع من قناعات ترسخت عنده عند ممارسته للنشاط المعين.
9. تشعر الطالب بالمسؤولية الاجتماعية، وأنه قادر على تحمل أعباء المساهمة في هذا المجتمع، وبالتالي تعطي الطالب إحساسا بالانتماء لمجتمعه الذي يعيش فيه، فيحاول أن يصوغ مشاكله ويساعد في حلها.
10. تنمي عند الطالب روح العمل الجماعي والتعاون البناء.
11. تشجع على تفريد التعليم ومراعاة الفروق الفردية، بما تتيحه هذه الطريقة من البحث عن حاجات الطلاب
الفردية وميولهم والتخطيط لإشباعها، وبالتالي منح كل المتعلمين فرصة
للتعلم والإفادة مما يطرح على قاعدة "كل متعلم وما يناسبه".
12. تعمل هذه الطريقة على إعداد الطالب وتهيئته للحياة خارج أسوار المدرسة،
حيث يقوم بترجمة ما تعلمه نظريا إلى واقع عملي.
13. تنمي عند الطالب الثقة بالنفس وحب العمل.
14. يكشف هذا الأسلوب عن قدرات وطاقات عند المتعلم لم يكشف عنها التعليم
التقليدي، وهو حالة تربوية للمثل القائل: الحياة مدرسة، ولكن هذه المدرسة
موجهة لمصلحة تعلم الطالب القصدي، وليس العشوائي القائم على الصدفة.
15. تساعد هذه الطريقة الطلبة على بقاء أثر التعلم مدة طويلة، وذلك لأن
الطالب جرب وعاش الموقف التعليمي عيشا طبيعيا، مدفوعا برغبة شخصية.
16. تشبع هذه الطريقة عند الطلبة حب انتباه الآخرين لهم، وإلى ما ينجزون من
أعمال، وخاصة في مراحل النضوج المبكر.
17. تساعد طريقة "التعلم بالحياة" الطالب على أن يكون باحثا نشطا عن
المعلومات، وتتعدد لديه مصادر البحث، فكما أنه يبحث في الكتاب والجريدة
والمجلة والإنترنت، فإنه يبحث كذلك في الأشياء من حوله، فالعالم المترامي
الأطراف من حول المتعلم كتاب مفتوح يجب أن يحسن القراءة فيه، بتأمل وتأن
وعمق.
18. تساعد طريقة "التعلم بالحياة" على فهم أكثر عمقا للظواهر الطبيعية أو الاجتماعية، مما ينعكس إيجابيا على تعامل الطالب معها.
مبررات استخدام "التعلم بالحياة":
لعل أوجَهَ المسوغات لتوظيف "التعلم بالحياة" طريقة في التدريس، هو أنه الأسلوب الأكثر ملاءمة
لفطرة الإنسان ومنطق تكوينه ونشأته، فالإنسان يتعلم منذ النشأة الأولى من
محيطه ومن بيئته الشيء الكثير، ويستمر ذلك حتى الموت، فالتعليم ليس حبيس
جدران الغرفة الصفية، وعليه فإن هذا الأمر هو الأصل في السير نحو اتباع هذه
الطريقة في الغرفة الصفية لتعزيز صلة المتعلم بالواقع الذي يحياه، ومن هذا
المسوغ الأكبر تتفرع مبررات نجملها فيما يلي:
1. يكون تعلم الطلبة أفضل حين يبادرون من ذات أنفسهم رغبة في التعامل مع
الأشياء من حولهم، إنه وسيلة فعالة للتعلم.
2. لا يعيش الإنسان بطبعه وطبيعته منفردا فلا بد له من إنشاء علاقات مع الناس من حوله.
3. يسعى الفرد دوما لزيادة قدرته للقيام بأعمال عدة في البيئة التي يحيا فيها.
4. الحاجة الضرورية إلى تعديل الاتجاهات
وتدعيمها، فالإنسان الذي يشعر بأن سلوكه الذي يمارسه يؤدي به إلى نجاحات
تزداد ثقته بنفسه، مما سيدفعه إلى الدخول في ممارسات عملية جديدة واكتشافات
جديدة، والبحث عن آفاق أبعد وأسمى وأعلى شأنا.
5. ربط الموضوعات الدراسية كلها معا كوحدة واحدة، فيشعر الطالب أن كل
المواد الدراسية لها وظيفة واحدة وهي التعامل مع هذا الواقع وفهمه، فيرى
انعكاس درس الرياضيات ودرس العلوم في بعض جوانب حياته، كما يرى انعكاس
اللغة العربية أو الإنجليزية أو الاجتماعيات
أو التربية الدينية والتربية الرياضة، وهكذا، مما يسهل تعامل الطالب مع
تلك المواد التي يدرسها، ليصبح الطالب ذا شخصية علمية واجتماعية، تعتمد
التفكير والحكم الذاتي المبني على شيء من المنطق والموضوعية.
مراحل طريقة "التعلم بالحياة":
1. اختيار النشاط التعليمي المعين، واختيار ما يناسبه من عمل.
2. البحث عن حاجات الطلاب
الفردية والتخطيط لإشباعها، فعلى المعلم أن يتعرف تلك الحاجات وربطها
بالأهداف الخاصة ويوجهها عن طريق الأنشطة المختارة لتحقيق التعلم المنشود.
3. إثارة الفضول لدى المتعلمين وحب الاستطلاع، ويتحقق هذا من خلال تعدد النشاطات، ولفت الانتباه
إلى بعض القضايا في الحياة وربطها بالتعلم، بحيث يكون الطالب هو المبادر
لذكرها وإدخالها في العملية التعليمية، ويصبح النشاط التعليمي معتمدا على
ذلك الموقف الحياتي المذكور لفهمه وتوظيفه لخدمة هدف آخر وهكذا في سلسلة
تعلم لا تنتهي.
التخطيط
لتنفيذ أنشطة بـطريقة "التعلم بالحياة":
1. اختيار الدرس الذي يناسب "التعلم بالحياة"؛ إذ ليس كل الدروس تصلح بدرجة
واحدة للتعلم بالحياة، وإن كان بالإمكان إذا ما تحررنا من الكتاب المقرر
تنفيذ أي درس بهذه الطريقة.
2. تحديد الأهداف، والتي يجب أن تشمل المجالات الثلاثة المتعارف عليها: المعرفية والأدائية والوجدانية.
3. اختيار العمل أو مجموعة الأنشطة التي تساهم في تحقيق أهداف التعلم.
4. رسم خطة للعمل بالتعاون بين المعلم والطلاب.
5. تحديد دور لكل فرد من المتعلمين.
6. نقل التجربة الحياتية التي تم خوضها إلى الغرفة الصفية، واختيار النتاجات التي تم جمعها أو عملها ومناقشتها.
7. تقويم تلك الأعمال أو تلك الأنشطة، بعيدا عن التخطئة، وإصدار الأحكام القاطعة.
مع ملاحظة أنه بالإمكان تنفيذ هذه الخطة العامة بشكل فردي أو بشكل مجموعات عمل.
كيف يمكن أن تكون الغرفة الصفية أو البيئة المدرسية مجالا للتعلم بالحياة؟
ربط المادة العلمية بعناصر من البيئة الصفية، والانطلاق من هذه البيئة لشرح بعض المفاهيم.
إحضار بعض الوسائل المعينة إلى الغرفة الصفية، وتمثل هذه الوسائل وسائل
وأدوات من الحياة التي يعيشها الطالب، وتطبيق ما تعلمه الطالب عليها.
إعطاء حصة في معمل أو مختبر أو مكتبة عامة، وترك الطالب لأن يستخدم أدوات التعلم تحت إشراف المعلم.
توظيف حدائق المدارس من أجل تطبيق ما تعلمه الطالب أو ما سيتعلمه والتدرج في بناء الخبرة والمهارة وصولا إلى الخطوة الأخيرة (تحقيق الهدف) وإتقان المهارة المطلوبة.
مشاركة الطلاب في إعداد المجلات
العلمية أو الأدبية أو معارض الصور والتحف والوسائل.
تشكيل مراكز التعلم الصفي:
والمقصود بذلك جعل البيئة الصفية مركزا تعليميا مزودا بأدوات متعددة،
ومهيأة للقيام بأنشطة تعليمية صفية، وتستخدم هذه المراكز لتقديم معلومات
جديدة بشكل فردي أو إجراء تمرينات لتعزيز تعلم سابق، ويمكن استخدامها كمركز
علاج لمساعدة المتعلمين الذين يحتاجون لتقوية في بعض المهارات التعليمية.
ومن أمثلتها في مدارسنا إلى حد ما مختبر الحاسوب والمختبر العلمي، وصالات
الرياضة المعدة للتدريب والمكتبات المدرسية وغرف الوسائل والمصادر.
وهذا يقودنا إلى الحديث عن وسائط "التعلم بالحياة" وتقنياتها، إذ يوظف
المعلم كل ما يتاح له في حياته ومحيطه من أجل أن يطبق عليه ما تعلمه أو أن
يستثمره من أجل أن يتعلم من خلاله، ومن هذه الوسائط التعليمية:
مواد تعليمية مطبوعة.
برامج الحاسوب.
أشرطة صوتية ومرئية.
مكتبات صفية وعامة.
ألعاب تربوية.
صور من البيئة المحيطة.
أدوات وأشكال حياتية منوعة.
ولا ينكر بحال من الأحوال دور هذه الوسائط التعليمية في التعلم، فهي تساعد على تنمية حب الاستطلاع
عند المتعلمين، وتخلق في نفوسهم الرغبة في التحصيل والمثابرة، ويبقي خبرات
المتعلم حية ذات صورة واضحة في الذهن، وتتيح للمتعلمين الفرص الجيدة للاستفادة من خبراتهم وتدفعهم للقيام بتجارب ذات علاقة بواقع حياتهم أثناء التعلم، فالمتعلمون يمارسون التعلم ممارسة عملية بعيدا عن التلقين، بل يترك لهم المجال للاكتشاف والتعليق والاختيار، فتسهل للمتعلمين التفاعل مع البيئة، وربط الأجزاء بعضها ببعض، على أن توظيف هذه الوسائط تحت إشراف المعلم يساعد على تقوية العلاقات
بين المعلم والمتعلم، وتزيد في إيجابية المعلم والمتعلم، فتحرر المعلم من
دوره التقليدي، وتجعله موجها وقائدا فعليا بعد أن كان ممارسا للسلطة
المعرفية، كمصدر واحد ووحيد للمعلومات، مما سينعكس بكل وضوح على شخصية
المتعلم فتقوي روح الاعتماد على الذات.
التقويم بطريقة "التعلم بالحياة":
تنطلق عملية التقويم من الأهداف الموضوعة، فإذا كانت أهداف "التعلم بالحياة" هي أهداف معرفية ووجدانية وأدائية، فلا بد إذن من أن تكون عملية التقويم شاملة لهذه الأهداف، وأن تكون الاختبارات
بأنواعها المختلفة كاشفة عن مدى إتقان الطلبة للناحية المعرفية والأدائية
والوجدانية، إذ إن الهدف هو تكامل التعليم بجوانبه الثلاثة، لأن الحياة التي يحياها الطلاب فيها هذه الجوانب، لتكون طريقة "التعلم بالحياة" أشبه بفترة تدريب وإعداد للطلاب ليخوضوا الحياة بكل تفاصيلها وجوانبها.
وعليه لا بد أن يكون هناك استفادة من اختبار القدرات الحركية، حيث تقيس هذه الاختبار
المهارات اليدوية، ومنها ما يهتم بحركة الساق والقدم والتي تتطلبها بعض
المهن والأعمال، وكذلك إعداد اختبارات تقوم على أساس قياس مهارات التفكير
الناقد، وتقوم اختبارات التفكير الناقد على ستة من المفاهيم موضحة فيما
يأتي:
الاستنتاج: ويقيس القدرة على التمييز بين الدرجات المختلفة من الصواب والخطأ، والتوصل إلى استنتاجات معينة على أساس البيانات المعطاة.
التعرف على الافتراضات: ويقيس القدرة على التعرف على الافتراضات المتضمنة في القضايا المعطاة.
الاستنباط: يقيس القدرة على التفكير الاستنباطي من المقدمات.
التفسير: يقيس القدرة على الحكم على الشواهد والأدلة، والتمييز بين التعميمات التي تبررها الأدلة والتي لا تبررها.
تقويم الحجج: يقيس القدرة على التمييز بين الحجج القوية والضعيفة بالنسبة للمسائل المطروحة.
ومن الاختبارات المجدية في هذه الطريقة، الاختبارات الأدائية، إذ تركز هذه الاختبارات
على قياس قدرة الطلبة على أداء مهمة أو عمل ما له أهمية في ذاته، مثل
قراءة نص قديم، وأداء قصيدة بلحن معين، والنجاح في عمل تمثال، أو تصميم
مجسم في مبحث العلوم والرياضيات، وتقيس هذه الاختبارات أداء أشخاص تدربوا على العمل المقيس، وهي فرع من اختبارات التحصيل.
أما اختبارات الأداء المميز، فتستعمل لقياس أداء الشخص نفسه، ولمعرفة ما يفعله، وليس ما يستطيع أن يفعله، وبناء على ذلك تجب ملاحظة ما يأتي عند تطبيق الاختبارات الأدائية:
أن يكون الموقف المثير موحدا بقدر الإمكان بالنسبة للمتعلمين كلهم.
تصميم الموقف بحيث يسمح بظهور وتنوع في أنماط السلوك التي تهدف إلى ملاحظتها.
الاهتمام بدقة طريقة الممتحن في الأداء وليس كمية السلوك المؤدى.
إعطاء الطلبة التشجيع بدلا من النقد والتصحيح والابتعاد عن الأحكام القاطعة.
توقعات مناسبة لإنجاز مهمات الطلبة، تتوافق مع قدراتهم العقلية والجسمية.
أما وسائل التقويم لدرس منفذ بطريقة "التعلم بالحياة"، فيكون
بتكليف الطلبة بأداء مهمات معينة، سواء في ذلك العمل الفردي للطلبة أو
العمل الجماعي، فتتم ملاحظة:
1. كتابة تقرير عن العمل.
2. الحديث الشفوي.
3. ملاحظة دقة المعلومات المقدمة وشموليتها.
4. ملاحظة المدة الزمنية الممنوحة والمنفذ فيها العمل.
5. عرض التجربة أمام الصف والمناقشة الشفوية.
مع ملاحظة
أن أسلوب التعلم الجماعي، الذي يؤدي فيه الطلبة العمل بصورة فريق متكامل
يعاملون المعاملة نفسها، فيحصل كل فرد في المجموعة على العلامة نفسها أو التقدير نفسه، بوصفه تقديرا للمجموعة.
معوقات تطبيق طريقة التعلم بالحياة:إن اعتماد طريقة "التعلم بالحياة" طريقة تدريس بالكيفية المشار إليها أعلاه،
لن تكون خالية من المعوقات، شأنها في ذلك شأن كل جديد، على الرغم من أن
هذه الطريقة ليست جديدة، بل هي فطرية طبيعية عند بني البشر، وما على
المعلمين إلا أن يعيدوا الأمور إلى نصابها الصحيح بطريقة منهجية منتجة لتحقيق أهداف مرحلية، وصولا إلى أهداف عامة، تحدثنا عنها سابقا، وقد يكون بعض ما سيأتي معوقا فعلاً لهذه الطريقة، ولكن فلنجرب أولا ونرى النتائج، ثم نعدل إن وجدنا حاجة لذلك، لنتجاوز هذه المعوقات أو بعضها، وفيما يأتي بعض منها:
الخوف من التجريب.
الزمن المخصص للحصة أو للدرس قد لا يكون كافيا لتنفيذ الفعاليات التعليمية.
زيادة عدد الطلبة في الصف.
نقص الوسائل والأدوات.
عدم مشاركة بعض المتعلمين والركون إلى الكسل.
عدم الرغبة في الاندماج في البيئة المحيطة لظروف متعددة، وخاصة الإناث أو صغار السن.
عدم السيطرة على المتعلمين وإحداثهم للفوضى تفلتا من النظام في بعض المواقف التعليمية المعتمدة مثلا على الرحلات العلمية أو البحث في المكتبات العامة.
الخوف لدى المعلمين من عدم إنهاء المقرر، والزخم المعلوماتي الذي يعج به
المناهج الفلسطيني بمباحثه المختلفة، وخاصة مباحث اللغة العربية واللغة
انجليزية والعلوم والرياضيات.
عدم وجود آليات متفق عليها للتقويم.
نقد الآخرين لهذه الطريقة ولكل جديد، وخاصة أولياء الأمور الذين اعتادوا أن يتعلم أبناؤهم بطريقة مغايرة.
وفي ظني أن تلكم المعوقات لن تصمد طويلا وستتفكك
مع الإصرار على الرغبة في العمل والتطوير والتجديد، حتى إذا ما استقرت هذه
الطريقة نهجا تعليميا، فإنه لن يكون تقليديا، لأن من طبيعته التجدد تجدد
الحياة نفسها.