أول
حق للزوج على زوجته، هو معرفة مكانته وأهميته بالنسبة لها. ومعرفة هذا
الحق، هامة جداً.لأن مكانة الزوج في الإسلام هي مكانة تفوق كل تصور.ففي
الحديث الذي رواه حصين بن محصن: قال(حدثتني عمتي قالت: أتيت رسول الله
في بعض الحاجة، فقال:
((أذات زوج أنت؟))، قلت: نعم، قال:
((كيف أنت له؟))، قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه (أي لا أقصر في طاعته وخدمته.قال:
((فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك)) [أحمد والنسائي].
أي أن طاعتك له تدخلك الجنة، ومعصيتك له تدخلك النار.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال
:
((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض.دخلت الجنة)). [ابن ماجه والترمذي كتاب النكاح].
وقال
فيما رواه عنه أبو هريرة
((إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)) [آداب الزفاف الألباني ص 286].
ومما
يؤسف له أن الكثير من الزوجات يقمن بالصلاة والصيام وغير ذلك من أعمال
البر لكنهن يهملن طاعة الزوج. مع أن الله عز وجل الذي أمر بالصلاة والصيام،
هو سبحانه الذي أمر الزوجة بطاعة زوجها والعمل على رضاه. لذلك فينبغي
عليها أن تحرص على رضا زوجها ولا تهمل حقوقه. وعلى كل فالزوجة الصالحة هي
التي تفهم ذلك جيداً، وتتصرف على ضوء هذا الفهم، وتخشى الله في زوجها. لهذا
يقول سبحانه وتعالى :
فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ حَـفِظَـٰتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ [النساء: 34]. أي أن النساء الصالحات، مطيعات لله ولأزواجهن، حافظات
لغيبتهم إذا غابوا، فيحفظن أنفسهن، ويحفظن أموال أزواجهن حتى يعودوا.
ومن
الطاعة للزوج حسن المعاشرة.وحسن المعاشرة.ذوق وتربية، وبه دوام المحبة
والرحمة. والمعاملة بالحسنى من طرف الزوجة هو دليل واضح على حسن تربيتها،
وعلى استقامتها وصلاحها (عن أبي أمامة عن النبي
أنه كان يقول:
((ما استفاد المؤمن – بعد تقوى الله عز وجل – خيراً له من زوجة صالحة إذا أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله)).
وكثيراً
ما تحل المشاكل الكبيرة، بالبسمة الحلوة، والمجاملة الرقيقة، والأسلوب
المهذب من طرف الزوجة، وحتى لو أغضبها زوجها وقسى عليها فإنها تستطيع أن
تنهي المشاكل بمبادرة منها لو أرادت: لهذا أثنى
على هذا النوع من النساء وأخبر عنهن أنهن من أهل الجنة فقال
: ت
((ألا أخبركم بنسائكم في الجنة))، قلنا: بلى يا رسول الله قال:
((ودود ولود)) الودود التي تتودد إلى زوجها، والولود: التي ليست بعقيم، بل هي كثيرة الولادة، ودود ولود،
((إذا غضبت أو أُسيء إليها، أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك، لا أكتحل بغمض (أي لا أنام) حتى ترضى)) [الصحيحة 287].
ونحن
نقول هذا الكلام لأن هناك من الزوجات من لا تبتسم لزوجها أو تراضيه، إلا
في المناسبات، ولا تكلمه الكلمة الطيبة، إلا إذا كانت تود نزول السوق لشراء
حاجة تخصها، أو تود الخروج في نزهة أو زيارة، ولو كانت تفهم جيداً لعرفت
أنها كلما كانت لينة ومحبة وعطوفة على زوجها، فإنها هي المستفيدة الأولى
بعد ذلك، لأن الزوج سيمنحها من تقديره وحسن معاملته الشيء الكثير، إضافة
إلى تلبيته لرغباتها وطلباتها: أما وإن فعلت العكس وأغضبته وآذته فإنها
ستتعرض أولاً لغضب الله وسخطه، فعن ابن عمر عنهما مرفوعاً:
((اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع إليهم، وامرأة عصت زوجها حتى ترجع)).
لهذا
فلتحذر الزوجة من أن تكون من أولئك النساء المولعات بمخالفة أزوجهن، فلا
تؤمر الواحدة منهن بشيء إلا سارعت إلى مخالفته حتى ولو كان في مصلحتها، إن
هؤلاء يقعن في سخط الله، ويعرضن حياتهن للدمار، بل إن الحور العين تدعو
عليهن إن فعلن ذلك، فعن معاذ بن جبل
مرفوعًا:
((لا
تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه
قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل ـ أي ضيف ـ يوشك أن يفارقك إلينا)). [الصحيحة 173].
ومن
الطاعة للزوج أن لا تطيع أحداً في معصيته ولو كان أبويها. لأننا نسمع أن
بعض الزوجات يطعن أمهاتهن في معصية أزواجهن، ويؤذين أزواجهن بناءً على
توصيات الأمهات.وهذا العمل حرام ولا يجوز أبداً فحرام على الأم أن تحرض
ابنتها على زوجها طالما كان الزوج متقياً لله فيها، وحرام على الزوجة أن
تطيع أمها أو أي أحدٍ سواها، في معصية زوجها، دونما مبرر شرعي.لهذا يقول
شيخ الإسلام ابن تيمية بأن المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك لها من أبويها،
وطاعة زوجها أوجب وقال: "لا يحل لها أن تطيع واحداً من أبويها في طلاقه،
إذا كان متقياً لله فيها" .
ومن الطاعة تنفيذ كل أوامر الزوج، في غير معصية الله.فلا تدخل أحداً بيته إلا بإذنه، ولو كان أقرب الناس إليها وإليه لقوله
:
((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)).ولا تخرج من بيته إلا بإذنه لو كانت ذاهبة إلى أبيها وأمها، حتى ولو كان إلى المسجد لقوله
عن ابن عمر
((إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها)) هذا يدل على أن عليها أن تستأذن بالخروج إلى أي مكان.
وأن لا تتصرف في ماله إلا بإذنه لقوله
فيما رواه عنه أبو أمامة الباهلي
قال: سمعت رسول الله
يقول في حجة الوداع:
((لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذنه))، قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال:
((ذاك أفضل أموالنا)). ولا
تصوم تطوعاً إلا بإذنه، ولو صامت ثم دعاها إلى فراشه، وجب عليها أن تستجيب
له وتفطر.لأنه لما جاءت امرأة صفوان بن معطل تشكو إلى النبي
أموراً ذكرت منها: أنه يفطرها إذا صامت فسأله
عما قالت فقال"وأما قولها يفطرني إذا صمت، فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شاب لا أصبر، فقال
يومئذٍ:
((لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها)).وكذلك
لا تعتمر ولا تحج تطوعاً إلا بإذنه، أما الحج الواجب فتستأذن مجاملة فقط
فإن لم يأذن حجت بدون إذنه مع محرم، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وينبه هنا إلى أن الطاعة المطلوبة من المرأة لزوجها إنما هي في حدود
الشريعة، وفي غير معصية الله.فمن أمرها زوجها بترك الحجاب، أو شرب المسكرات
والمخدرات، أو التبرج أمام الرجال، أو التفريط بشعائر الدين، فمن أمرها
زوجها بذلك فهي ليست ملزمة بطاعة زوجها، بل يجب عليها أن تعصيه لأنه كما
قلنا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.وفي الحديث عن عائشة أن امرأة من
الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها.فجاءت إلى النبي
فذكرت ذلك له: فقالت"إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها فقال
:
((لا؛ إنه قد لعن الموصلات)).ومن الحقوق: حفظ عرض الزوج بعدم التبرج والتكشف على غير المحارم، والخلوة بالأجانب حتى ولو كان شقيق زوجها أو قريبه، وفي هذا يقول
((إياكم والدخول على النساء)) قيل: أرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال:
((الحمو الموت)).لهذا
فعليها أن تصون سمعته فلا تجعلها مضغة في الأفواه خاصة بالنسبة للتبرج
والسفور أمام الرجال أو في الأسواق أو عن طريق الهواتف وقد توعد
أمثال هؤلاء بقوله:
((مثل نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم)).
ومن
الحقوق: أن تكرم أهله وأقاربه خصوصاً الوالدين: فعليها برهما وإكرامهما،
تقديراً لزوجها واحتراماً له. وما يذكر من الخلاف الواقع بين أم الزوج وبين
الزوجة هو أمر مستغرب. وهو من كيد الشيطان وإغوائه لإفساد الحياة الزوجية،
وحمل الزوج على عقوق والديه: وعلى الزوجة أن تتحمل وتصبر وأن تبتعد عن
إثارة المشاكل مع أم زوجها. وعدم الشكوى إلى الزوج من والدته، حتى لا تفسد
بيتها، وعليها أن لا تضع زوجها في خيارات صعبة مثل: التضحية بأمه أو
بزوجته.لأنه عليها أن تعلم أن الأم هي أم،وهي أم واحدة ولا يمكن استبدالها
حتى ترضى الزوجة. لهذا فالحذر من هذا الأمر.
وعلى
الزوجة أن تقرب بين زوجها وأهله بدلاً أن تفرق بينهم، لأن عدم تقديرها
لأهله وإبعاده عنهم جريمة تعاقب عليها الزوجة في الدنيا والآخرة، ويكفي في
هذا قول النبي
:
((ليس منا من لم يجل كبيرنا)) ليس منا من لم يوقر كبيرنا، وعلى الزوج أن يكون في هذا رجلاً وأن لا تسيطر عليه المرأة فتوقعه في عقوق والديه، ويكفيه قول النبي
((لا يدخل الجنة عاق)).ومن
حقوق الزوج أن لا تطالبه بما يرهقه وبما هو فوق طاقته، وأن تراعي ظروفه
المالية وحالته الاجتماعية.فمثلاً بالنسبة للسكن يقول تعالى
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مّن وُجْدِكُمْ [الطلاق:
6]. أي أن يكون السكن على قدر طاقة الزوج وليس شرطاً أن يكون قصراً أو فلة
أو شقة فخمة كما تطالب به بعض الزوجات. والحقيقة أن بعض الزوجات لا يهمها
إلا أن يوفر الزوج لها ما تريده من سكن فخم وحلي وملابس وغيرها من الطلبات،
بغض النظر عن حالة الزوج. قد يستدين، قد يسرق قد ينهب، قد يرتشي هذا لا
يهم. المهم لديها هو توفير طلباتها بأي شكل كان، وصدق الله
إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ [التغابن:14] . وبعض النساء ترهق زوجها بكثرة شراء الحلي والذهب ولا تدري أنها بتصرفها هذا قد تخسر الدنيا والآخرة.
نحن نقول هذا الكلام لأن كثيراً من النساء تركن الاعتدال في الزينة وشراء الحلي والذهب. وذهبن يعبدن المظاهر والزخارف. لهذا بين
أن تعلق النساء بالمظاهر والزينة من حرير وحلي سبب للهلاك في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فعن أبي سعيد أن نبي الله
خطب خطبة فأطالها، وذكر فيها أمر الدنيا والآخرة، فذكر أن أول ما هلك بنو
إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصفة، ما تكلف امرأة
الغني.
أما في الآخرة فإن انشغال المرأة بالحرير والذهب عن طاعة ربها فإنه يعرضها للعقاب يوم القيامة قال
:
((ويل للنساء من الأحمرين: الذهب والمعصفر)). لهذا
فالاعتدال والقناعة ضروريان وكافيان للزوجة في تحقيق مطالبها. وعليها أن
ترضى بالقليل وأن تشكر زوجها على ما يقدمه لها من طعام وشراب وثياب، مما هو
في قدرته، وأن تدعو له بالعوض ولو لم تحصل على كل ما تتمناه.
ونحن
نقول هذا الكلام لأن بعض النساء يظل زوجها يحسن إليها فترة طويلة ثم إذا
حدثت مشكلة بينه وبينها ولو حول شراء قطعة حلي أو أثاث ، فترى الزوجة تنكر
فضل زوجها وإحسانه لها وتقول له: أنا لم أر منك طيباً أبداً منذ تزوجنا.
أنت أنت وأنت، ولو علمت الزوجة بأن هذا الكلام من خطورة عليها لتمنت أن
يقطع لسانها ولا تتكلم بهذا الكلام لأن النبي
حذر من ذلك أشد التحذير قالت أسماء بنت زيد الأنصارية قال:
((إياكن وكفر المنعمين)) فقلت: يا رسول الله، وما كفر المنعمين؟ قال:
((لعل إحداكن تطول أيمتها بين أيوميها، ثم يرزقها الله زوجاً ويرزقها منه ولداً، فتغضب الغضبة فتكفر، فتقول: ما رأيت منك خيراً قط)).إن مجرد تناسي الزوجة لفضل زوجها يعرضها إلى غضب الله وعقابه قال
:
((لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغنى عنه)).بل إن بعضهن قد يطالبن أزواجهن بطلاقهن عندما يغضبن، بسبب هذه الحاجات الدنيوية الفانية وفي هذا يقول
:
((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس)) أي من غير حالة شديدة تدعوها إلى ذلك كأن يتعلق الأمر بحدود الله؟ فيقول:
((أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة)).نسأل الله السلامة والعافية وأن يجنبنا غضبه وعقابه.
ومن
الحقوق أن تذكره بطاعة الله إذا نسي أو غفل: إذا نام من الفجر والعصر
مثلاُ، إذا نسي أن يصل والديه, إذا ترك الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر. وهكذا من أجل هذا يقول
:
((إن من أفضل ما يتخذه الإنسان: زوجة تعينه على إيمانه)) ثم يهيب
بالزوجين معاً بأن يجتهد كل منهما في إعانة الآخر على طاعة الله فيقول
((رحم
الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فصلت، فإن أبت نضح في وجهها
الماء (رش في وجهها الماء) ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت
زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)).
ومن
الحقوق أيضاً : أن تتزين لزوجها: وللأسف فبعض الزوجات لا يتزينّ ولا
تتطيبن إلا عند خروجهن من المنزل وإلى الأسواق والشوارع. أما عندما تكون في
المنزل فحدث ولا حرج فهي طوال الوقت بملابس المطبخ. ومحملة بروائح الطبخ
والنفخ، وغير مهتمة بنظافة أو ترتيب.مما ينتج عنه نفور الزوج منها ، خاصة عندما يرى الكاسيات العريات في أتم زينة وأحسن هيئة، مما ينتج عنه حدوث المشاكل بينهما. وقد حث
على أن تتزين النساء لأزواجهن ففي الحديث عن جابر قال كنا مع النبي
في غداء، فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل فقال
:
((أمهلوا حتى تدخلوا عشاءً لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)) والشعثة
هي البعيدة العهد بالغسل وتسريح الشعر والنظافة والغيبة التي تغيب عنها
زوجها.وفي هذا الحديث بيان على أن المرأة مادام زوجها حاضراً مقيماً فهي
دائمة التزين، ولا تهجر هذه الخصلة إلا عند غياب زوجها لهذا على الزوجة
الصالحة أن تتزين لزوجها وتتجمل له لأنه إذا لم تتزين وتتجمل لزوجها، فلمن
تتزين. وبالطبع يدخل في هذا نظافة منزلها وترتيبه لأن هذه الأمور، من أهم
أسباب دوام الحياة الزوجية واستمرارها.
ومن
أهم الحقوق: إجابة دعوة الزوج إلى الفراش. فلا يحق لها أن تمنعه نفسها متى
طلب منها ذلك لأن من أعظم غايات الزواج إحصان النفس بالجماع الحلال. وعدم
استجابة الزوجة لزوجها قد يترتب عليه عواقب وخيمة وقد تتعرض الحياة الأسرية
للهدم والتصدع. لأنه قد يخيل للزوج أن زوجته لا تحبه، أو قد يدفعه ذلك إلى
قضاء شهوته بطريقة غير مشروعة.
لهذا قال
((والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه: فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)).وقال:
((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح)).
لهذا على الزوجة الاهتمام بهذا الحق والاستجابة لزوجها. خاصة في هذا العصر
الذي ينتشر فيه الإغراء والتبرج. فما يراه الرجل سواء في المنزل أو في
الشارع أو في الأسواق من تبرج للنساء الجميلات، يؤدي به إلى الإثارة
والشهوة. وقد نبه
إلى هذا بقوله
((إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه)).وليس لها أن تنشغل عن ذلك الواجب ولو بأي أمر من الأمور لقوله
:
((إذا الرجل دعا زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور))، أي وإن كانت تخبز على الفرن.
وننبه
هنا إلى عدم طاعة الزوج في هذا الأمر، إذا طلب من زوجته ما لا يحل له، كما
لو طلب بطلب منها الوطء في زمان الحيض والنفاس، أو ففي غير محل الحرث، أو
وهي صائمة صيام فريضة كرمضان، وذلك لقوله
:
((لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة بالمعروف))..ونختم
الآن بذكر هذه القصة الجميلة والتي توضح كيف كان زوجات السلف الصالح كيف
كن يعاملن أزواجهن فلعل زوجات العصر الحاضر يستفدن من ذلك.
قابل
القاضي شريح الشعبي يوماً فسأله الشعبي عن حاله في بيته، فقال له: " من
عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي قال له : كيف ذلك؟، قال شريح " من أول
ليلة دخلت على امرأتي، رأيت فيها حسناً فاتنا وجمالاً نادراً، فقلت في
نفسي: فلأطهر وأصلي ركعتين شكراً لله، فلما سلمت، وجدت زوجتي تصلي بصلاتي،
وتسلم بسلامي، يقول: فقمت إليها ومددت يدي نحوها: فقالت على رسلك يا أبا
أمية كما أنت، ثم قالت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله،
إني امرأة غريبة، لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره
فأتركه.
وقالت:
إنه كان في قومك من تتزوجه من نسائكم، وفي قومي من الرجال، من هو كفء لي
ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً، وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله،
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك.
قال شريح: "فأحرجتني والله يا شعبي –
إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على
النبي وآله وأسلم وبعد: فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك، وإن
تدعيه يكن حجة عليك، أما إني أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما رأيت من
حسنة فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها. فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟،
قلت: ما أحب أن يملني أصهاري، فقالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن
له، ومن تكره فأكره؟، قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء. قال
شريح: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.
فلما
كان رأس الحول، جئت من مجلس القضاء، فإذا بفلانة في البيت قلت من هي؟
قالوا (ختنك- أي أم زوجتك) فالتفتت إلي وسألتني: كيف رأيت زوجتك قلت: خير
زوجة فقالت: يا أبا أمية إن المرأة لا تكون أسوء حالاً منها في حالين. إذا
ولدت غلاماً، أو حظيت عند زوجها، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من
المرأة المدللة، فأدب ما شئت أن تؤدب وهذب ما شئت أن تهذب. يقول : فمكثت
معي عشرين عاماً لم أغضب عليها في شيء إلا مرة، وكنت لها ظالماً.
وهكذا
فتلكن النساء، وهكذا فلتكن الزوجات: فهل تتعلم الزوجات في هذا العصر، هذه
الأخلاق وهذه المكارم.إن مثل هذا يمكن أن يحدث لزوجاتنا في هذا العصر وهو
ليس بمستحيل، ونحن نعرف أسراً تعيش هذه الحياة الطيبة التي ذكرناها.إن هذا
ممكن ولكن بشرط واحد وهو أن يحول الإنسان بيته وزوجته وأولاده ونفسه، إلى
الالتزام بشرع الله وإقامة أوامر الدين كاملة، وسيرى بعد ذلك تغير حياته
وكيف تنتهي المشاكل الزوجية وكيف تصير الأمور.