الآية الخامسة والخمسون:
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ (السجدة/21). هذه الآية تتحدث عن الكفار والفسّاق وذلك بقرينة الآية السابقة: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ (السجدة/20). ولكنّ الكراجكيّ (الكَرَاجِكيّ هو الشيخ الفقيه والمتكلم الإمامي أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان، من تلامذة المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي، روى عنهم وعن آخرين من أعلام الشيعة والسنة.
كان نزيل الرملة، وأخذ عن بعض المشايخ في حلب والقاهرة ومكة وبغداد وغيرها من البلدان، وتوفي بصور عام 449ه-. وكتابه «كنز الفوائد» كما يقول السيد بحر العلوم في رجاله يدل على فضله، وبلوغه الغاية في التحقيق والتدقيق والاطلاع على المذاهب والأخبار. له مؤلفات كثيرة بلغت السبعين منها كنز الفوائد والاستنصار في النص على الأئمة الأطهار والبرهان على صحة طول عمر صاحب الزمان والبيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان... الخ (نقلاً عن كتاب أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي، باختصار وتصرف، ج 9/ ص400 – 401))
روى [في كتابه كنز الفوائد] عن مجهول باسم «جَعْفَرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَالِمٍ» عن مجهول آخر باسم «مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَجْلَانَ» عن سائل من الغلاة سأل الإمام الصادق عن هذه الآية فأجابه قائلاً: «ولَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ قَالَ الْأَدْنَى غَلَاءُ السِّعْرِ والْأَكْبَرُ المَهْدِيُّ بِالسَّيْفِ»!!
فأقول:
أولاً: هذه الآيات نزلت في مكة حيث كان أهلها لا يؤمنون بالرسول ذاته فكيف يدعوهم الله للإيمان بسيف مهدي مفتَرَض؟!
ثانياً: هل المهدي إمام عذاب أم إمام رحمة. ثالثاً: لقد بيّن تعالى في أكثر من موضع من كتابه معنى العذاب الأكبر كقوله تعالى:
﴿فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ﴾ (الزمر/26),
أو قوله سبحانه: ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ﴾ (القلم/33)،
أو قوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾ (الغاشية/23 و24)،
حيث تبيّن جميعها أن العذاب الأكبر هو عذاب الآخرة.
الآية السادسة والخمسون:
تكرار للآية الحادية عشر (الآية 62 من سورة النمل) التي بيّنّا فيما سبق أن لا علاقة لها بالمهدي إطلاقاً.
الآية السابعة والخمسون:
هي الآية السادسة عشرة ذاتها (الآية 8 من سورة الصف) التي سبق وأجبنا عن الاستدلال بها.
علاوة على ذلك، ذكر المجلس-يّ هنا رواية عن أبي الجارود الملعون تقول: «لَوْ تَرَكْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ مَا تَرَكَهُ اللهُ» وليس في هذه الرواية أي كلام عن المهدي ولا ندري ما وجه ذكرها هنا!
في هذا الفصل لا يوجد أي كلام عن المهدي، لكن هناك كلام غير معقول
وهو تفسير الآية: ﴿فَآَمِنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾ (التغابن/
بأن المقصود من النور فيها «الْإِمَام»! مع أن «أنزلنا» فعل ماضٍ.
وقد وصف الله تعالى هذا النور في مواضع عديدة من كتابه كقوله تعالى:
﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ﴾ (الشورى/52)،
وقوله كذلك: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ (البقرة/4).
الآية الثامنة والخمسون: هي الآية الثانية والعشرون (الآية 33 من سورة التوبة) ذاتها التي أجبنا عن الاستدلال بها سابقاً،
بيد أن المجلسيّ أضاف هنا الرواية الخرافية التالية:
«فَإِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ ولَا مُشْرِكٌ إِلَّا كَرِهَ خُرُوجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ فِي بَطْنِ صَخْرَةٍ لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ يَا مُؤْمِنُ فِي بَطْنِي كَافِرٌ أَوْ مُشْرِكٌ فَاقْتُلْهُ قَالَ فَيُنَحِّيهِ اللهُ فَيَقْتُلُهُ»
. قلت: وهذا هو الدين الجبريّ [الذي يتعارض مع قوله تعالى «لا إكراه في الدين»]. فضلاً عن أن القضاء على كل يهودي أو نصراني أو مشرك يتناقض مع ما جاء في القرآن من آيات تشعر ببقائهم حتى يوم القيامة كقوله تعالى:
﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ (المائدة/14)
و﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ (المائدة/64).
الآية التاسعة والخمسون:
هي الآية السابقة ذاتها (أي الآية 33 من سورة التوبة)، إضافة إلى أن المجلسي يذكر هنا رواية منسوبة إلى ابن عباس جاء فيها:
«في قَوْلِهِ تَعَالَى لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى يَهُودِيٌّ ولَا نَصْرَانِيٌّ ولَا صَاحِبُ مِلَّةٍ إِلَّا دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى يَأْمَنَ الشَّاةُ والذِّئْبُ والْبَقَرَةُ والْأَسَدُ والْإِنْسَانُ والْحَيَّةُ وحَتَّى لَا تَقْرِضَ فَأْرَةٌ جِرَاباً...الخ». نسأل الله تعالى الهداية لأصحاب هذه الخرافات.
الآية الستون:
﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الخُرْطُومِ﴾ (القلم/15و16). ينقل المجلسيّ عن كتاب [كنز الفوائد] للكراجكيّ رواية منسوبة للإمام الصادق (ع) يقول فيها: «فِي قَوْلِهِ: إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ. يَعْنِي: تَكْذِيبَهُ بِقَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ (ع) إِذْ يَقُولُ لَهُ لَسْنَا نَعْرِفُكَ ولَسْتَ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ! كَمَا قَالَ المُشْرِكُونَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ». ينبغي أن نسأل الراوي أين وجدتَ موضوع «القائم» في تلك الآيات؟ ثم إن كلمة «آيات» جمع في حين أن «القائم» مفرد. لكن ماذا نفعل إذا كانوا يلفِّقون كل ما خطر على بالهم.
الآية الحادية والستون:
﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾ (المدثر/38-39). معنى الآية واضح، ولكنّ «فرات بن إبراهيم» الكوفي( (هو أبو القاسم فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي من رواة الحديث في فترة الغيبة الصغرى (النصف الثاني من القرن الثالث الهجري)
ومن معاصري الكليني. لم يصل من كتبه سوى التفسير المعروف باسمه، قال عنه المجلسي في البحار: «لم يتعرض الأصحاب لمؤلفه بمدح ولا ذم لكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الأحاديث المعتبرة وحسن الضبط في نقلها مما يعطي الوثوق لمؤلفه وحسن الظن به».
روى الصدوق عنه بواسطة الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي وروى عنه الحاكم أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل. يرى البعض استناداً إلى كثير من النصوص في تفسيره وكثرة نقله عن أئمة الزيدية وروايته عن الإمام زيد حصر العصمة في الخمسة من آل الكساء،أنه كان من الزيدية، ويرى هذا البعض أن هذا هو السر في عدم ذكر رجاليي الإمامية القدماء له بين رجالهم وعلمائهم. )
الذي كان شخصاً ضئيل العلم كتب تفسيراً وذكر هنا رواية عن الإمام الباقر (ع) يقول فيها:
«فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى :
«كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ»: قَالَ نَحْنُ وشِيعَتُنَا. وقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ شِيعَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا «لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ»:
يَعْنِي لَمْ يَكُونُوا مِنْ شِيعَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. «ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ»: فَذَاكَ يَوْمُ الْقَائِمِ (ع) وهُوَ يَوْمُ الدِّينِ «وكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ»: أَيَّامُ الْقَائِمِ »!!
ونحن نقطع بأن الإمام الباقر (ع) الذي كان عربياً يعرف مواقع الكلام لم يقل مثل هذا الكلام، وأن معاصريه المتشيعين له كانوا أسوأ من المتشيعين لعلي (ع)
ونسبوا إليه كل ما أمكنهم من أقاويل. نسأل الله أن يوقظ مقلديهم.
أضف إلى ذلك أن الإمام الباقر (ع) لم يكن من عادته أن يفسر كل آية بأن المقصود منها نحن الأئمة، إنه كان متواضعاً ولم يكن معجباً بنفسه.
فدعك إذن مما ينسبه فرات الكوفي إلى الإمام الصادق (ع) هنا من قوله أن المقصود من قوله تعالى ﴿السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾ (الواقعة/10و11) نحن الأئمة.
الآية الثانية والستون: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ (سورة ص/86 -88).
من الواضح أن هذه الآية المكية تخاطب مشركي مكة، لكن المجلسي ينقل لنا هنا عن كتاب الكافي [للكليني] رواية ضعيفة تقول: «قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (ع) ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ قَالَ: عِنْدَ خُرُوجِ الْقَائِمِ»! أفلم يفكر واضع هذه الرواية كيف سيبقى المشركون
أمثال أبي جهل وأبي سفيان وغيرهما أحياء إلى حين قيام القائم حتى يعلموا نبأه بعد حين؟!! لكن يبدو أن الإنسان عندما يسقط في وادي الخرافات يفقد العقل والقدرة على التفكير.
وقد روى الكليني ذلك الخبر الموضوع عن رجل ضعيف باسم «عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ» عن ضعيف آخر مثله ونسب كلامه لحضرة الإمام أبي جعفر الباقر (ع).
الآية الثالثة والستون:
هنا أيضاً يروي المجلسي نقلاً عن الكافي للكليني رواية في سندها «عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ البطائنيّ» الواقفي الذي لا يؤمن بأي إمام بعد الإمام السابع، بأن الراوي سأل الإمام أبي عبد الله الصادق (ع) عن قوله تعالى
﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَ-هُمْ أَنَّهُ الحَقُّ﴾ (فصلت/53) فقال له: «يُرِيهِمْ فِي أَنْفُسِهِمُ المَسْخَ..... (إلى قوله)... حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ قَالَ خُرُوجُ الْقَائِمِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ يَرَاهُ الْخَلْقُ لَا بُدَّ مِنْهُ»!.
لاحظ أيها القارئ اللبيب كيف لعب أولئك الرواة بآيات القرآن باسم الإمام وبالتستر تحت لوائه،
فرغم أن الآية مكية إلا أن الرواة الجهلة جعلوا مفادها مخاطبة الله لأهل مكة (الذين لم يكونوا قد آمنوا بعد برسوله وكانوا يتهمونه بالجنون والكذب) بأنه سيريهم آياته ليعلموا أن خروج القائم حق!! فهل هناك أي تناسب في هذا الكلام؟؟ كلا والله.
الآية الرابعة والستون:
﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا﴾ (مريم/75). هذه الآيات مكيّة وهي إذا لاحظنا سياقها وما جاء قبلها، أي قوله تعالى: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ (مريم/73) موجَّهةٌ لمشركي مكة الذين كانوا يتبجّحون على المؤمنين بأنهم (أي الكفار) خير من المؤمنين مقاماً وأقوى وأكثر عدداً، لذا أجابهم الله أنهم سيعلمون يوم القيامة من القوي ومن الضعيف. لكنّ المجلسيّ نقل عن كتاب الكافي رواية في سندها «علي بن أبي حمزة البطائني» الخبيث جاء فيها: «قَالَ أَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَهُوَ خُرُوجُ الْقَائِمِ وهُوَ السَّاعَةُ فَسَيَعْلَمُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ اللهِ عَلَى يَدَيْ قَائِمِهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً يَعْنِي عِنْدَ الْقَائِمِ وأَضْعَفُ جُنْداً».
أقول: مؤدَّى هذه الرواية أنّ كفّار قريش سيعيشون عمراً مديداً إلى وقت خروج القائم، عندئذ سيعلمون من هو شر مكاناً وأضعف جنداً، وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون!!
فهل يصُحّ مثل هذا التفسير؟!
هل يمكن لِ-لَّهِ أن يتكلم بمثل هذا الكلام الذي لا معنى له؟!
لقد افترى الوضّاعون كل ما عنّ على بالهم، فأبي حمزة هذا نسب إلى الإمام الباقر رواية يفسّر فيها قوله تعالى في سورة المعارج: ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ (المعارج/26) أن المقصود هو التصديق بخروج القائم!!الآية الخامسة والستون:
هي الآية الخامسة والثلاثون ذاتها (الآية 5 من سورة القصص) التي ناقشنا الاستدلال بها فيما سبق،
فليراجع القارئ التوضيحات التي ذكرناها في نهاية كل ايه وهنا ذكر المجلسيّ نقلاً عن بعض الكتب الخرافيّة مزيداً من الآيات المكرّرة،
أي أنه كرر الآيات الحادية والثلاثين والثانية والثلاثين والرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين. ثم بعد ذلك بدأ بذكر أبواب النصوص وجمع فيها ما أمكنه من الروايات التي افتراها الوضّاعون والكذابون والمجهولون والغلاة والمليئة بالتعارض والتناقض والأمور التي لا تُعقَل والتي علامات الكذب فيها واضحة.
وقد يقول قائل: هل يمكننا أن نقول إن جميع هذه الأخبار الواردة في هذا الأمر – رغم كثرتها - موضوعة ومفتراة بأجمعها؟!
فأقول في الجواب عن ذلك: حتى لو بلغ عدد أخبار مجهولي الحال الآلاف لما كانت تسوى فلساً واحداً، ثم أقول: «رُبّ شهرة لا أصل لها» وهذه قاعدةٌ متَّفقٌ عليها لدى جميع العلماء.
([1]) هو أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمِّيّ، من أكابر علماء الشيعة في القرن الثالث الهجري ومن رواة عصر الحضور، إذْ كان من أصحاب الإمام الحسن العسكري (ع) ومن مشايخ الكليني صاحب الكافي، حيث اعتمد الكليني عليه كثيراً في كتابه الكافي.
وكان عليُّ بن إبراهيم من أوائل رواة الحديث في قم ومن رؤوس فقهاء الشيعة فيها حتى عدُّوه أستاذ مشايخ القمِّيين، وله كتاب في التفسير بالمأثور باسم «تفسير علي بن إبراهيم القمِّيّ» مليءٌ بالروايات المغالية والغريبة الباطلة،
مما جعل البرقعي يضعِّف «علي بن إبراهيم» هذا لكثرة روايته الغرائب والغلوّ وما ينافي القرآن. ويقول الشيخ عبد الوهاب فريد التنكابني في كتابه «اسلام ورجعت»:
«ولا ينقضي العجب من «علي بن إبراهيم القميّ» -الذي كان طبقاً لقول علماء رجال الشيعة: عالماً جليل القدر -، كيف يذكر في تفسيره مثل تلك التأويلات التي هي بكل وضوح من تأويلات الملاحدة والباطنية! اللهم إلا أن نقول أن ذلك التفسير المنسوب إليه تفسيرٌ موضوعٌ مختلقٌ وليس من تأليف ذلك العالم الجليل،
وإلا فكيف يمكن لمثل ذلك العالم
أن يكون عديم الاطلاع على مباني القرآن الكريم
إلى ذلك الحدّ فيلوثه
بمثل تلك التأويلات الباطلة عديمة الأساس!!»
(الإسلام والرجعة، ص171)