الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الأمور التي يحتاج المسلم معرفتها والإلمام بها: ما يتعلق بالمسح على الخفين، فقد جاءت السنة بمشروعية المسح، وأنه جائز لكل مسلم متى استوفى الشروط اللازمة للمسح.
وقد جاء في الحديث عن النبي
أنه مسح على الخفين، وورد عن علي بن أبي طالب
قوله: ( جعل النبي
للمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، يعني في المسح على الخفين ) [أخرجه مسلم].
ولما يلاحظ من كثرة المخالفات التي تقع من البعض عند المسح على الخفين، فقد قمنا بجمع ما نراه مهماً لكل مسلم في هذا الموضوع! وهي عبارة عن أسئلة أجاب عليها فضيلة الشيخ / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى، نقلناها باختصار من كتابه: [فتاوى المسح على الخفين]، سائلين المولى جل وعلا أن ينفع بها.
س: ما شروط المسح على الخفين؟
ج: يشترط للمسح على الخفين أربعة شروط:
1 - أن يكون لابساً لهما على طهارة.
2 - أن يكون الخفاف أو الجوارب طاهرة.
3 - أن يكون مسحهما في الحَدَث الأصغر، لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل.
4 - أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً، وهو يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
س: ما صحة اشتراط بعض الفقهاء أن يكون الخفان ساترين لمحل الفرض؟
ج: هذا الشرط ليس بصحيح، لأنه لا دليل عليه؛ فإن اسم الخف أو الجوارب ما دام باقياً فإنه يجوز المسح عليه، لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق وما أطلقه الشارع فإنه لا يصح لأحد أن يقيده..، وبناءً على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرّق، ويجوز المسح على الخف الخفيف.
س: هل النية واجبة بمعنى أنه إذا اراد لبس الشراب أو الكنادر ينوي أنه سيمسح عليهما، وكذلك نية أنه سيمسح مسح مقيم أو مسح مسافر أم هي غير واجبة؟
ج: النية هنا غير واجبة لأن هذا عمل علق الحكم على مجرد وجوده فلا يحتاج إلى نية، كما لو لبس الثوب فإنه لا يشترط أن ينوي به ستر عورته في صلاته مثلاً فلا يشترط لبس الخفين أنه سيمسح عليهما، ولا كذلك نية المدة بل إن كان مسافراً فله ثلاثة أيام نواها أم لم ينوها، وإن كان مقيماً فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها.
س: رجل تيمم ولبس الخفين هل يجوز له أن يمسح على الخفين إذا وجد الماء، علماً أنه لبسهما على طهارة؟
ج: لا يجوز أن يمسح على الخفين إذا كانت الطهارة طهارة تيمم..، وطهارة التيمم لا تتعلق بالرِجل إنما هي في الوجه والكفين فقط.
س: إذا وصل المسافر، أو سافر المقيم وهو قد بدأ المسح فكيف يكون حساب مدته؟
ج: إذا مسح المقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر على القول الراجح.
وإذا كان مسافراً ثم قدم فإنه يُتم مسح مقيم.
س: إذا نزع الإنسان الشراب وهو على وضوئه ثم أعادها قبل أن ينتقض وضوءه، فهل يجوز المسح عليها؟
ج: إذا نزع الشراب ثم أعادها وهو على وضوئه فإذا كان هذا هو الوضوء الأول إن لم ينتقض وضوءه بعد لبسه فلا حرج عليه أن يعيدها ويمسح عليها إذا توضأ، أما إذا كان هذا الوضوء وضوءاً مسح فيه على شرابه فإنه لا يجوز له إذا خلعها أن يلبس ويمسح عليها، لأنه لا بد أن يكون لبسها على طهارة بالماء، وهذه طهارتها بالمسح، هذا ما يعلم من كلام أهل العلم.
س: هل خلع الخُف يبطل المسح، أم يبطل الطهارة فقط؟
ج: إذا خلع الخف لا تبطل طهارته لكن يبطل مسحه دون الطهارة - أي يبطل المسح مرة أخرى - ولكن تبقى طهارته حتى ينتقض وضوءه، فله الصلاة بعد خلع الخف ما دام على طهارة المسح.
س: رجل يمسح على كنادر في أول مرة؛ ففي المرة الثانية خلع الكنادر ومسح على الشراب هل يصح مسحه؟ أم لابد من غسل الرجل؟
ج: هذا فيه خلاف، فمن أهل العلم من يرى أنه إذا مسح على أحد الخفين الأعلى أو الأسفل تعلق الحكم به ولا ينتقل إلى ثان، ومنهم من يرى أنه يجوز الانتقال إلى الثاني ما دامت المدة باقية، فمثلاً إذا مسح على الكنادر ثم خلعها وأراد أن يتوضأ فله أن يمسح على الجوارب التي هي الشراب على القول الراجح، كما أنه إذا مسح على الجوارب ثم لبس عليها جوارب أخرى أو كنادر ومسح على العليا فلا بأس به على القول الراجح ما دامت المدة باقية، لكن تحسب المدة من المسح الأول لا من المسح على الثاني.
س: كثيراً ما يسأل الناس عن كيفية المسح الصحيحة، وعن محل المسح؟
ج: كيفية المسح أن يُمِرّ بدء من أطراف أصابع الرجل إلى ساقه فقط، يعني أن الذي يمسح هو أعلى الخف، فيمر يده من عند أصابع الرِجل إلى الساق، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة كما تمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة بن شعبة فمسح عليهما.
س: ما حكم مسح أسفل الخف، وما حكم صلاة من يمسح بهذه الطريقة؟
ج: صلاتهم صحيحة ووضوءهم صحيح: لكن ينبهون على أن المسح من الأسفل ليس من السنة، ففي السنن من حديث علي بن أبي طالب
قال: ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النبي
يمسح ظاهر خفيه )، وهذا يدل على أن المشروع مسح الأعلى فقط.
س: ما حكم خلع الشراب أو بعضاً منه ليحك بعض قدمه أو ليزيل شيئاً في رجله كحجر صغير ونحوه؟
ج: إذا أدخل يده من تحت الشراب "الجوارب" فلا بأس في ذلك ولا حرج، أما إن خلعهما فينظر؛ إن خلع جزءاً يسيراً فلا يضر، وإن خلع شيئاً كثيراً بحيث يظهر أكثر القدم فإنه يبطل المسح عليهما في المستقبل.
س: يشتهر عند عامة الناس أنهم يمسحون على الخفين خمس صلوات فقط، ثم بعد ذلك يعيدون مرة أخرى؟
ج: نعم هذا مشهور عند العامة؛ يظنون أن المسح يوماً وليلة يعني: أنه لا يمسح إلا خمس صلوات، وهذا ليس بصحيح؛ بل التوقيت بيوم وليلة يعني: أن له أن يمسح يوماً وليلة سواءً صلّى خمس صلوات أو أكثر، ابتداء المدة كما سبق من المسح؛ فقد يصلي عشر صلوات أو أكثر، فلو أن أحداً لبس الخُف لصلاة الفجر يوم الإثنين وبقي على طهارته حتى نام ليلة الثلاثاء؛ ثم مسح على الخف أول مرة لصلاة الفجر يوم الثلاثاء فهنا له أن يمسح إلى صلاة الفجر يوم الأربعاء، فيكون هنا قد صلّ بالخف يوم الاثنين الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، كل هذه المدة لا تحسب له لأنها قبل المسح، وصلى يوم الثلاثاء الفجر ومسح، والظهر ومسح، والعصر ومسح، والمغرب ومسح، والعشاء ومسح، وكذلك يمكن أن يمسح لصلاة يوم الأربعاء إذا مسح قبل أن تنتهي المدة، مثل: أن يكون قد مسح يوم الثلاثاء لصلاة الفجر في الساعة الخامسة إلا ربعاً وبقي على طهارته إلى أن صلّى العشاء ليلة الخميس، فهنا يصلي بهذا الوضوء صلاة الفجر يوم الأربعاء والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فيكون صلى خمس عشرة صلاة من حين لبس، لأنه لبسها لصلاة الفجر من يوم الاثنين وبقي على طهارته ولم يمسح إلا لصلاة الفجر يوم الثلاثاء الساعة الخامسة إلا ربعاً وبقي على طهارته حتى صلّى العشاء، فيكون صلّى خمس عشرة صلاة.
س: شخص ما توضأ ومسح على خفه ثم خلعه، هل ينتقض وضوءه؟
ج: القول الراجح من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم أن الوضوء لا ينتقض بخلع الخف، فإذا خلع الخف وهو على طهارة وقد مسحه فإن وضوءه لا ينتقض.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم