لتحكم في جنس الجنين
ألله سبحانه وتعالي ، هو الذي يرزقنا الأولاد ،يتولي ذلك بعلمه وقدرته ، كما ذكر في كتابه فهو
{ يخلق ما يشاء ، يهب لمن يشاء إناثاً ، ويهب لمن يشاء الذكور ، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ، ويجعل من يشاء عقيما ، إنه عليم قدير}
ومشيئته هي العنوان الديني للسنن التي يسير عليها الكون ،
وتحكم ما نبصر وما لا نبصر من شؤون الحياة والأحياء ؛
وقد اهتدي العلماء في هذا العصر إلي بعض هذه القوانين التي تضبط الوراثة ، وتنشأ عنها الذكورة والأنوثة ، ولهم تدخلات سوف نتحدث عنها ؛
بيد أننا نقدم بين يديكم حديثا ، لابد منه ، عن عوج أخلاقي
ساد الناس قديماً ، ولا يزال يسودهم إلي الآن ،
نعم كان الأقدمون يكرهون الأنثى ، ويضيقون بمولدها ،
ويكرهون الزوجة التي تلد البنات ؛
وما زلت أذكر شعرا حفظته وأنا صغير ، تشكو فيه زوجة هجرها رجلها ،
إلي أخري لأن الله لم يرزقه منها إلا البنات
قالت المسكينة :
ما لأبي حمزة لا يأتينا ؟،،، يذهب للبيت الذي يلينا ؛
غضبان ألا نلد ألبنينا،،، وليس ذلك في أيدينا ؛
وإنما نأخذ ما أعطينا
والناس يكرهون الأنثى لضعفها ، وهم الذين استضعفوها ،
وضنُّوا عليها بما ينضج مواهبها ويساعدها علي إطاء الثمر الطيب ::
وقد سمعت قديما أن تعليم الأنثى كان جريمة ؛ وكان ذهابها إلي المسجد منكراً ؛ وكان الملتصقون بالدين يبخسون حقوقها المادية والأدبية جهرة ؛
ولا تزال بقايا من أولئك المتدينين الجهلة تظلم الإسلام بسوء الفهم والعرض في شتي الميادين ويسلقونني بألسنة حداد ؛
ألغريب أن إيثار الذكورة علي الأنوثة لا يزال شائعاً بين أجيال كثيرة وهو من وراء ما يسمي بالهندسة الوراثية؛ لقد عرف العلماء بيقين أن الرجل هو الذي يحمل الحيوانات المنوية المذكرة والمؤنثة ، وأن المرأة في هذا المجال قابل لا فاعل ، وقد تمت تجارب لتقليل الحيوانات المؤنثة في ماء الرجل ، كما تمت تجارب لتهيئة ظروف خاصة ،عند المرأة تميل بالإنجاب إلي أحد النوعين ،
ولم يصل العلماء إلي نتائج حاسمة بعد ؛
ولا بأس أن ننقل ما تمت مناقشته في منظمة الصحة العالمية
،حول التحكم في جنس الجنين حيوانا كان أم إنسانا ؛
لقد جرت تطبيقات واسعة ، في علم الحيوان ، تمكن فيها العلماء ، من تحضير كمية كبيرة من السائل المنوي لعدد من الفحول ،ثم فصل السائل بالنبيذ إلي قسمين ؛
أحدهما ترجح فيه الحيوانات المنوية ألمفضية إلي الذكورة ، والأخرى ترجح فيه الحيوانات المنوية المفضية إلي الأنوثة ، وباستعمال أحد القسمين في التلقيح الاصطناعي لإناث الحيوانات ، أمكن أن يميل ميزان أحد الجنسين ، عن النسبة الطبيعية التي تقارب (الخمسين في المائة) لكل منهما إلي حوالي (سبعين في المائة) في اتجاه الجنس المطلوب ، ولم يتمكن العلم حتي اليوم من الفصل الكامل لنوعي الحيوانان المنوية بعضها عن البعض الأخر، لأسباب عديدة ومعقدة ؛
والسؤال المطروح هنا : ما هو موقف الشريعة الإسلامية من تطبيق هذه التقنية علي البشر ؟
وهل يجوز أن تلبَّي رغبة الزوجين في تغليب الحصول علي جنين ذكر أو العكس ؟ أو أن يتم تغليب أحد الجنسين علي الأخر في طائفة من الناس ؟
وبالرغم من وجود صعوبات في نطاق التطبيق البشري ، وخاصة في تجميع الكمية الكبيرة من السائل المنوي من الزوج ، وإجراء التلقيح الاصطناعي بمعرفة الطبيب ، وأن يحل هذا محلّ الجماع الطبيعي الذي تتجلي فيه صفات المودة والرحمة والسكينة والألفة ،المقصودة لذاتها في الحياة الزوجية ، ومع هذا لا تعتبر هذه التقنية مستحيلة ، في التطبيق البشري مع وجود العقبات ، وارتفاع التكاليف ،
ناقش المجتمعون في الندوة هذا الموضوع ، وطرحوا بعض التساؤلات ، منها ما إذا كان التحكم في جنس من الجنين ، يمكن أن يعتبر تدخلاً في الإرادة الإلهية ، وهل يجوز للإنسان أن يتحكم في عناصر المعادلة التي تغير من نسبة الذكور أو الإناث ، وهل يتصادم هذا مع الحس الديني ؟
الواقع أن كل ما يفعل في هذا الجانب يتم بقدرة الله عز وجل ومشيئته ، وفي حدود دائرة الأسباب والسنن التي أقام عليها هذا الكون { وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، إن الله كان عليما حكيما} وتمت في الندوة مداولات متعددة حول هذا الموضوع ، وخلصت في النهاية إلي التوصية التالية :
اتفقت وجهة النظر الشرعية ،علي عدم جواز التحكم في جنس الجنين ، إذا كان ذلك علي مستوي الأمة ، أما علي المستوي الفردي فإن محاولة تحقيق رغبة الزوجين المشروعة ، في أن يكون الجنين ذكرا ً أو أنثي بالوسائل الطبية المتاحة ، لا مانع منها شرعا عند أغلب الفقهاء المشاركين في الندوة ، في حين رأي غيرهم عدم جوازه ، خشية أن يؤدي ذلك إلي طغيان جنس علي آخر ؛
أقول : لو استجبنا لأهواء الناس في إيثار الذكور، وسخرنا الطب لبلوغ ما نشتهي ، ماذا سيقع ؟
سيهلك العالم ، علي عجل أو علي مكث ، إننا بدل أن نتقن الهندسة الوراثية ، يجب أن نتقن هندسة الأخلاق والتقاليد وأن نفقه قول الله تعالي { ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن }
اللهم يا رب العالمين يا أرحم الراحمين
تقبل منا هذا العمل خالصا لوجهك الكريم ، اللهم أني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار
اللهم استرنا فوق الأرض واسترنا تحت الأرض واسترنا يوم العرض اللهم آمين يا رب العالمين
وصلى الله علي محمد وعلي اله وصحبه وسلم