متى يقبل الصوم ؟
أيها الأحبة الفضلاء
الأساس في أعمال المسلم كلها أن يقصد بها وجه الله ؛
وأن يرجو منها ثواب الآخرة ؛ فما معنى قول الله في حديثه القدسي ( الصوم لي وأنا أجزي به ) ؟؟
قال العلماء : أن الصوم امتناع عن رغبات معينة ، والامتناع عمل سلبي لا صورة له يظهر فيها ، إنه ترك شهوات معروفة
والترك قد يكون تلبية لأمر الله ، وقد يكون تقليدا لما يفعل الناس ، وقد يقترن به من الشراسة ما يحبط الأجر ، وعند بعض الرهبان والزهاد قد يكون تساميا شخصيا بالإرادة ومرانا علي قوة العزيمة وقهر الجسد ؛؛
لكن الصوم المقبول حقا هو أن يكبت المؤمن رغباته طالبا مرضاة الله ، وسعيدا بطاعته إذ نزل على إرادته ،،،
ولذلك جاء في رواية البخاري ( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) إن الصوم هنا ذكر عملي لله ، وجهاد نفسي للقرب منه ، وتغليب لأشواق الروح علي مطالب الجسم ، ونزوع إلي السماء حين يخلد البعض إلي الأرض وهزيمة لمنطق المادة الذي يصيغ الحضارة المعاصرة ، ويدفع الجماهير إلي عبادة الذات والملذات ،
ومعنى هذا أن الصوم ليس ترك الأكل والشرب وحسب ، كلا فقد صح عن الرسول صل الله عليه وسلم قوله ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) وقوله (الصيام جنة )يعني وقاية من الإسفاف ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم )
إن الرغبة في الانتقام واقتصاص المرء ممن أساء إليه قد تكون شديدة لا سيما عند ذوي الكرامة والمهابة ،
فليكظم المؤمن غيظه ، وليؤثر ربه وآخرته ، لقد انتصر علي شهوة الطعام فلينتصر علي شهوة الانتقام ؛
وعندي أن الكذب والغيبة يبطلان الصوم ، فهل الكاذب يقضي اليوم الذي كذب فيه ؟
, وكذلك المغتاب ؟
يقول بذلك فقهاء الظاهر ؛ ولكن الأئمة يقولون إن أجره ضاع
وليس عليه قضاء ؛
ووددت لو شدّدّنا النكير علي المفترين ومستبيحي الأعراض حتى تنقطع جراءتهم علي الشهر العظيم ويحسوا مهابته
إن لرمضان في حياة أمتنا وتاريخها مكانة ينبغي أن تعرف ، فهو العلاقة الروحية الباقية بين الله وخلقه ، فيه نزل القران الكريم وفيه تتكرر مدارسته ، وتستحب تلاوته ويضار الليل بقيامه ، وفيه تتأكد وحدة الأمة الإسلامية حين تفطر كلها بعد غروب الشمس ، وتستعد بالسحور لصيام النهار ، ورمضان في تاريخنا شهر ذكريات عسكرية تمتد من السلف الأول إلي هذا العصر ،
وأحسب أن إطلاق المدافع فيه عند الفطور وعند السحور إيماء إلي هذا التاريخ المكافح المحامي عن الحق ، وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ( أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يُعطهنّ نبي قبلي
1ــ أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ينظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه ــ أي نظرة حب لاستعداده ونشاطه لم يعذبه أبدا ؛؛
2 ــ وأما الثانية فإن خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك ، فتغير رائحة الفم من الجوع مستحبة عند الله ، وعرق العامل أشرف من طيب العاطل ؛
3 ـــ وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم كل يوم وليلة ، أي أن ملائكة الرحمة تحفهم داعية لهم بالمغفرة ، والله تعالى يستجيب دعاء ملائكته ؛
4 ـــ وأما الرابعة فإن الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها : استعدي وتزيني لعبادي ؛ أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلي داري وكرامتي
5 ـ،ـ وأما الخامسة ، فإنه إذا كلن أخر ليلة غفر الله لهم جميعا ، فقال رجل من القوم : أهي ليلة القدر ؟ قال : لا ؛ ألم تر إلي العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفّوا أجورهم )
ومغفرة الذنوب تعني أمرين ،
الأول ــ هو التجاوز عنها في الآخرة ،
والثاني ــ محو نكتها السوداء في القلب الإنساني ، فيعود أبيض نقيا ، والمؤمن يشعر بذلك المحو في نهاية الشهر بقوة اتجاهه إلي الله وحسن إقباله عليه
نسأل الله رب العالمين صياما وقياما مقبولين مباركين ،،،،
الرئيسية 
من طرف 
موضوع: متى يقبل الصيام ؟؟ 
المزاج
