قصة مشتقة من صحيح مسلم
أيها الأحبة الفضلاء
قال التلميذ لأستاذه الراهب الخاشع المتواضع : لقد علمت اليوم مكانتك عند الله تعالى فقد اعترضت طريق الناس دابة متوحشة خشوا منها علي حياتهم ، فتوجهت إلي الله رب العالمين أدعوه أن يعينني عليها حتى أصل إليك وأنتفع بعلمك ثم أطلقت سهما من كنانتي أرداها قتيلة وها أنا ذا بين يديك؛
قال له أُستاذه الراهب :يا بنيَّ أنت اليوم أفضل مني بعد أن بلغ من أمركما سمعت ، وإنك ستُبتلىَ ، فإن عذبوك فلا تدلّ أحداً عليّ ،
وأصبح الغلام يُبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس بفضل الله من سائر العلل ، فسمع به جليس للحاكم الجبار في عصره كان قد أصيب بفقد بصره ،فأتى الغلام بهدايا كثيرة وقال له : كلّ ما جئت به فهو لك إن أنت شفيتني ؛
قال الغلام : إني لا أشفي أحدا ، إنما الله هو الذي يشفي ، فإن أنت آمنت به دعوت الله لك فشفاك ، فآمن الرجل وشفاه الله ، فلما رجع الرجل إلي مجلسه عند الملك ــ وقد فوفي ــقال له الملك : من ردّ عليك بصرك ؟ قال : ربي
قال الملك :ـ وهو يدّعي الإلوهية ــ ألك رب غيري ؟
قال : ربي وربك الله فأمر بتعذيبه ،
فلما اشتدّ عليه العذاب دلَّ علي الغلام ، فجيء به ،
فقال له الملك : أبلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمة والأبرص وتفعل وتفعلر الأمر بتعذيبه ، فلماّ زادت عليه الآلام دلّ علي الراهب أستاذه فجيء بالراهب ، وقيل له :ارجع عن دينك فأبى ، فوضع النشار في مفرق رأسه فشق حتى سقط نصفين ، وجيء بجليس الملك الذي عاد إليه بصره وقيل له : ارجع عن دينك فأبى ،فقتل مثل ما قتل "الراهب ، ثم جيء بالغلام وقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه الملك إلي بعض رجاله وقال لهم :اذهبوا به إلي أعلى جبل في الوادي ، فإن رجع عن دينه فاتركوه وإلا فاطرحوه من أعلى القمة ، وذهب الغلام معهم فلما كان في طريقه إلي ذروة الجبل دعا الله قائلا : اللهم اكفينهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل رجفة أوقعتهم جميعا صرعى ، ورجع الغلام إلي الملك يمشي ،
فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفا نهم الله
فدفعه الملك إلي نفر آخرين وقال لهم : اذهبوا به في قرقور ( قارب) إلي عرض البحر فإن رجع إلي دينه فعودا به وإلا فاقذفوه بين اللجج ، فلما توسطوا به البحر قال الغلام : اللهم اكفينهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا جميعا وعاد الغلام إلي الملك ، قال له : ما فعل أصحابك ؟
قال كفا نهم الله ،ثم وجه حديثه إلي الملك ـــ الذي قال مثل فرعون: أنا ربكم الأعلى ـــ اعلم أيها الملك إنك لا تستطيع قتلي إلا بطريقة أدلُّك عليها ، إن أنت فعلتها قتلتني ،
قال الملك : ما هي ؟ قال الغلام : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني علي جزع نخلة ثم خذ سهما من كنانتي وصوِّبه إليّ ثم قل : باسم الله رب الغلام وأطلق السهم فإنك إن فعلت ذلك قتلتني ،،، ؛
واحتشدت الجماهير لترى مصير الغلام الذي هزم فرعون مرتين ، ونجا من الموت الذي أراده الجبار له ، رأوا الغلام مربوطا في جزع قائم رافع الرأس متألق الجبين ، وسمعوا الملك يقول ، باسم الله ربّ الغلام ويطلق السهم نحو جبين الغلام فإذا الغلام يخرُّ صريعاً فارتفعت الأصوات من كل جانب تصيح آمناّ بالله الواحد ، رب الغلام المؤمن ، وكانت هذه الصيحة عاصفة أذلّت الطاغوت وجعلت كلمة الله هي العليا ،،
إن الغلام لم يكن جباناً أمام الموت حين هُدّد بع بين اللجج ، لقد أراد أن يموت فداء الإيمان الحق ، وأن يفضح بموته الخرافة التي سرت بين الناس ،
قالت حاشية الملك له : قد وقع والله بك ما كنت تخاف آمن الناس بالله وكفروا بك ؛؛
فأمر بشق الأخدود وإيقاد النار فيه ونادي مناد : من لم يرجع عن عقيدة التوحيد رمي في هذا اللهب ،، وقذف بمؤمنين كثير في هذا الجحيم ، وجاءت امرأة تحمل طفلها الرضيع فتقاعست أمام هذا الهول فقال لها الوليد : يا أماه اصبري فأنت علي الحق،، والقت بنفسها ووليدها ،،،
قال الشّراح: إنها ما كادت أن تحس لسع النار حتى كانت هي ووليدها في جنات النعيم ،،
لماذا روى صهيب هذا الحديث عن النبي صل الله عليه وسلم؟الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم علي ما يفعلون بالمؤمنين شهود * وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )للطواغيت والفراعين والجبابرة سطوة تصرف عن الله ، فواجب المؤمنين أن يقابلوا هذه السطوة بجراءة ويقين،
إن المسلمين في هذا العصر يلقون العنت ، ويراد تكفيرهم بكتاب الله وسنة رسوله فلنصاير الليل الهاجم حتى يطلع الفجر ويقترب النصر