الحمد لله
التداوي والعلاج بالقرآن الكريم ثابت في أحاديث كثيرة ، منها الرقية بالمعوذتين ، ورقية اللديغ بالفاتحة ، وغير ذلك ، وهو داخل في قوله تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الإسراء/82
وأما قراءة القرآن في الماء ، ففيه حديث مختلف في صحته ، وهو حديث ثابت بن قيس الآتي ، وهو مروي عن جماعة من السلف ، وكذلك كتابته في إناء ونحوه وغسله بالماء ، ثم شربه أو الاغتسال به ، مروي عن جماعة من السلف.
قال ابن القيم رحمه الله : " ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه " انتهى من "زاد المعاد" (4/ 358).
ومن أمثلة ذلك ما جاء عن وهب بن منبه رحمه الله في رقية من أُخذ عن أهله ولم يتمكن من الجماع .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وذكر بن بطال أن في كتب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر ، فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي والقوافل ، ثم يحسو منه ثلاث حسوات ، ثم يغتسل به ؛ فإنه يذهب عنه كل ما به ، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله " انتهى من "فتح الباري" (10/ 233) ، وينظر : سؤال رقم (
12918) .
وقال ابن القيم رحمه الله : " كتاب لعسر الولادة : قال الخلال : حدثني عبد الله بن أحمد : قال رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض ، أو شيء نظيف ، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين : كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ [ الأحقاف : 35 ] ، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [ النازعات : 46 ] .
قال الخلال : أنبانا أبو بكر المروزي ، أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال : يا أبا عبد الله ! تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين ؟ فقال : قل له : يجيء بجام واسع ، وزعفران ، ورأيته يكتب لغير واحد . ويذكر عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: مر عيسى صلى الله على نبينا وعليه وسلم على بقرة قد اعترض ولدها فى بطنها، فقالت: يا كلمة الله؛ ادع الله لي أن يخلصني مما أنا فيه. فقال: يا خالق النفس من النفس، ويا مخلص النفس من النفس، ويا مخرج النفس من النفس، خلصها. قال: فرمت بولدها، فإذا هي قائمة تشمه. قال: فإذا عسر على المرأة ولدها، فاكتبه لها.
وكل ما تقدم من الرقى، فإن كتابته نافعة " انتهى من "زاد المعاد" (4/ 357).
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/ 88 المجموعة الثانية) : " قد دل على جواز التداوي بالرقى فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره صلى الله عليه وسلم ، وقد أجمع على جوازها المسلمون بثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن تكون الرقية بكلام الله تعالى أو كلام رسوله أو الأدعية المشروعة .
الشرط الثاني : أن تكون بلسان عربي أو بما يعرف معناه في الأدعية والأذكار .
الشرط الثالث : أن يعتقد الراقي والمريض أن هذا سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى.
وهي تكون بالقراءة والنفث على المريض ، سواء كان يرقي نفسه أو يرقيه غيره . ومنها قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه ، كما في كتاب الطب من (سنن أبي داود ) بسند جيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس ، قال أحمد : وهو مريض . فقال : « اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس ، ثم أخذ ترابا من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه » فهذا هو المروي في القراءة في الماء وشرب المريض له ...
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى .
وحديث ثابت بن قيس مختلف في صحته ، وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف أبي داود .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما كون القرآن يكتب في إناء ويصب عليه الماء ثم يروج ويشربه الإنسان فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئاً من القرآن ثم يصب عليه الماء ، ويروج هكذا باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف ، وهو مجرب عند الناس، ونافع بإذن الله " انتهى من "اللقاء الشهري" (3/ 485).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب